المعلومات المضلّلة حول لقاحات كوفيد-19 في سوريا، هل من الممكن الحدّ من تردّد المجتمع السّوري تجاه تلقّي اللقاح؟ مدونة مبنيّة على التّجربة الشّخصيّة والملاحظات والسّرديّات المتناقلة
مضى ثمانية عشر شهراً على ظهور جائحة كوفيد-19 في سوريا ، و بدأ النّاس في التكيّف مع الوضع الطبيعي الجديد والحياة بوجود الفيروس بينما تواصل الحكومة السّورية تطعيم بعض فئات المجتمع. تشمل اللّقاحات التي تقدّمها الحكومة ”سينوفارم“ الصّيني، و”سبوتنيك“ الرّوسي، و”أسترازينيكا“ البريطانيّ. هذا وإنّ اللقاحات المتوفّرة حاليّاً في بعض المراكز الصحيّة هي ”سينوفارم“ و ”سبوتنيك“ ، مع عددٍ محدودٍ من لقاحات ”أسترازينيكا“ المخصّصة لإعطاء الجرعات الثانية. تمّ إعطاء الأولويّة بالتّطعيم للعاملين والعاملات في مجال الرّعاية الصحّية وكبار السّنّ والأشخاص ذوي خطورة الإصابة المرتفعة كمن يعاني من الأمراض المزمنة أو من أمراضٍ متعددّةٍ وذلك وفقاً لإرشادات منظّمة الصّحة العالميّة واللجنة الاستشارية العلميّة لحالات الطوارئ في المملكة المتّحدة SAGE .على الرّغم ممّا سبق ، فإنّ الشعب السّوري داخل سوريا لا يزال يناقش ويتداول معلومات خاطئة حول لقاحات كوفيد-19 وسلامتها وفعاليّتها ومكوّناتها وآثارها الجانبيّة والغرض منها.
فيما يلي ندرج أكثر هذه المعلومات الخاطئة تداولاً :
• قد تسبّب لقاحات كوفيد-19 آثاراً جانبيّة خطيرة مثل العقم الجنسيّ .
• يمكن أن يموت الشخص بعد تلقّي اللقاح.
• قد تؤدي لقاحات كوفيد-19 إلى تغييرات في الحمض النووي البشري.
• تحتوي لقاحات كوفيد-19 على رقائق دقيقة يمكن استخدامها لتتبّع الأشخاص والسّيطرة عليهم.
• تحتوي لقاحات كوفيد-19 على مشتقّات لحم الخنزير / مكوّناتٍ غير حلال في الإسلام، أو معلومات خاطئة أخرى تستهدف المعتقدات الإسلاميّة.
• قامت شركات الأدوية بتلفيق نتائج تجارب اللقاحات أو التستّر على الآثار الجانبيّة الضارّة لزيادة أرباحها .
• تمّ تطوير هذا الفيروس في مصانع الدول الغربيّة لإيذاء الناس في دول أخرى أو نظريّات المؤامرة المماثلة.
إضافةً لذلك يعتقد الكثير من النّاس أنّ لقاحات كوفيد-19 غير فعّالة في حمايتهم من العدوى ، مما يشير إلى أن نقص المعلومات حول الفيروس قد يكوّن مشكلةً إضافيّةً إلى جانب تداول المعلومات الخاطئة.
من أسباب وجود وانتشار هذه الادعّاءات والشائعات الكاذبة: (1) انعدام الثقة بين الشعب والسّلطات الصّحية المحليّة ووزارة الصّحة ؛ (2) محدوديّة مشاركة المعلومات أو التّثقيف الصّحي حول اللقاح وسلامته وفعاليّته ، (3) تواجد العديد من المصادر التي تشارك معلومات حول الجائحة بما في ذلك المصادر شائعة الاستخدام لكن غير الموثوقة مثل وسائل التّواصل الاجتماعي (4) إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصّات أو غياب وجود آليّة للتحقّق من المعلومات المتداولة فيها.
إن المصادر الرّئيسية للمعلومات المضللة والشّائعات في سوريا هي وسائل التّواصل الاجتماعيّ ، وخاصة فيسبوك وواتساب ، وهما المنصّتان الأكثر شعبيّةً لدى المجتمع السّوري. ومن الجدير بالذّكر أنّ المعلومات المضللة والإشاعات السّابقة يتمّ تداولها بين العاملين/ات الصّحيين/ات السّوريين/ات أيضاً.
تتمثّل مخاوف الصّحة العامّة الرّئيسية جرّاء ما سبق ، أنّها قد تؤدي إلى تناقص الإقبال على تلقي لقاح كوفيد-19 وبالتالي نسبة متلقيّ اللقاح ، ونظراً لأنّ التّطعيم حالياً هو الطريقة الأكثر فعّالية للحدّ من مخاطر كوفيد-19 ، فقد يكون لذلك نتائج كارثيّة من حيث ارتفاع معدّلات العدوى والوفيّات وعدم قدرة المستشفيات على تدبير الأعداد المتزايدة من مرضى كوفيد-19 بسبب محدودية قدرة النّظام الصّحي الحاليّة .
من المهمّ أن تحتلّ معالجة المعلومات المضللة أولويّةَ قصوى بين المتخصّصين في الرّعاية الصحّية ووزارة الصّحة السّورية ، لا سيّما بالنّظر إلى أنّ الوباء لم ينته بعد وأنّه يتم الإبلاغ عن متحوّرات (نسخ) جديدة من الفيروس عالميّاً.
بدورنا نوصي سلطات الصّحة العامّة في سوريا بما يلي:
• أن تصبح أكثر شفافيّةً فيما يتعلّق بوطأة كوفيد-19 في سوريا ، واستراتيجيّات التطعيم المتّبعة ، ومدى سلامة اللقاح وفعاليّته ، وفوائد التطعيم.
• تخصيص وتدريب أشخاص للقيام بحملات التّوعية والتواصل والتعبئة الاجتماعية (ACSM) وتمويل آلية اتّصال خاصة بالأزمات على مستويات مراكز الصّحّة الأوليّة الوطنيّة والإقليمية وخصوصا في المجتمعات الريفية والنازحين داخليّاً ، لتوفير معلوماتٍ دقيقةٍ وتوعية المجتمع لزيادة الإقبال على لقاحات كوفيد-19.
• توفير ورشات التّدريب والأدوات والإرشادات الضروريّة لأخصائيي الرّعاية الصّحية حول كيفيّة معالجة والتعامل مع المعلومات المضللة والشائعات.
• إنشاء آليّة ، موثوقة ومحددة ومتوافقة مع السّياق في سوريا ، للتّحقق من صحّة معلومات اللقاح على منصات وسائل التّواصل الاجتماعيّ وضمان وصول الناس إلى معلوماتٍ حول لقاح كوفيد-19 دقيقةٍ ومعتمدةٍ .
بقلم د. نور الهدى
حمص – سوريا