ما هو دور قطاع الإعلام في دعم استجابة القطاع الصحي خلال جائحة كوفيد-19
إن التأثير الكبير لوسائل الإعلام وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي على جميع القطاعات بما فيها قطاع الصحة لا يمكن إغفاله. فكما أن وسائل الإعلام هي أداة قوية يمكن استخدامها لنشر التوعية إلا أنها يمكن أن تستخدم كأداة للدعاية والمعلومات المضللة والتلاعب بالحقائق ، وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يمكن السيطرة عليها أو التحقق من صحة ومصداقية جميع المعلومات الواردة فيها. لعل هذا الأمر لا ينطبق فقط على البلدان الغربية ذات الدخل المرتفع، بل أيضاً على البلدان الفقيرة وبلدان النزاعات الممتدة لسنين كما في سوريا، حيث أشارت احدى الدراسات التي أجراها فريق البحث من أجل سوريا أن أحد أهم وأول مصادر المعلومات المتعلقة بكوفيد 19 كانت وسائل التواصل الاجتماعي.
نبحث في السطور القادمة دور القطاع الاعلامي في الاستجابة لجائحة كوفيد-19 في شمال غرب سوريا والتي تعصف به الموجة الثانية الأشد مع عدد وفيات أكبر وقطاع صحي مجزأ لا مركزي باستجابات متعددة لمنظمات انسانية مختلفة.
من المؤكد أن وسائل الإعلام يجب أن تتحمل مسؤوليتها على الصعيد التوعوي في الاستجابة لجائحة كوفيد 19 و توفير بعض المقترحات و يجب أن يكون التركيز على كل من تعليم الناس وتثقيفهم ونشر الوعي المجتمعي، ولكن هذا الموضوع يتخلله بعض الصعاب كعدم وجود معلومات كافية دقيقة ومتاحة للقطاع الاعلامي وعدم تعاون القطاع الصحي مع وسائل الاعلام وتزويدهم برسائل بسيطة وواضحة ودورية للمجتمع . فهنا لا يمكننا إلقاء اللوم على القطاع الاعلامي بسبب أخذه دور المحايد تارة أو الناقد تارة أخرى، بل يجب العمل على تقليص الفجوة بين الإعلام والقطاع الصحي والمجتمع .
ضمن إطار فتح أفق التعاون ما بين القطاع الاعلامي والباحثين في مجال الصحة في سوريا، أقام فريق البحث من أجل سوريا بتاريخ 21/10/2021 ندوةً عبر الانترنت ضمّت 12 إعلامياً وإعلامية من شمال غرب سوريا لتبادل آرائهم حول رؤية المجتمع السوري في شمال غرب سوريا عن الجائحة واللقاح ، وبحث سبل التعاون المستقبلي لإشراك هؤلاء الأشخاص المؤثرين في المجتمع السوري في المشاركة في صنع القرار الصحي وتطبيق السياسات بناء على حاجات المجتمع . استمر اللقاء حوالي الساعة والنصف وتخللته عدة نقاط مهمة:
أهم أسباب التردد في أخذ اللقاح في شمال غرب سوريا:
كان لمنشأ اللقاح دور في نفور بعض الناس في شمال غرب سوريا وتحديداً اللقاح ذو المنشأ الصيني سينوفارم ولسان أحدهم يقول ” كيف لبلد يشارك في قتلي أن يرسل لقاحاً لإنقاذي؟”. وهذا أشار إلى سوء التواصل الموجود حيث أن أغلبية الحضور لم يكونوا على علم بمبادرة كوفاكس المدعومة من منظمة الصحة العالمية التي التزمت بتأمين حصة من لقاحات كوفيد 19 إلى العديد من البلدان الفقيرة.
هذا وقد أشاروا إلى عامل آخر وهو الإشاعات المضللة وتضخيمها عن بعض الاختلاطات المتعلقة باللقاح والتي تفوق أثر حملات التوعية المقدمة مجتمعياً. إضافةً لما سبق ، كان لتردد البعض من الكوادر الصحية في تلقي اللقاح دورا سلبياً وانعكس بشكل واضح على تقبل المجتمع لأخذ اللقاح، مما اضطر بعض المراكز الصحية لفرض عقوبات مثل تقليص عدد أيام الإجازات المرضية لمن لا يأخذ\تأخذ اللقاح.
أكد بعض الحضور على أهمية الدور السلبي الذي يلعبه بعض علماء الدين في تنفير الناس من اللقاح لأسباب تتعلق ببعض المواد التي يصنع منه اللقاح وحرمانيتها في الدين الإسلامي على حد قولهم علماً أنّه تم ترخيص اللقاحات في معظم الدّول الإسلامية. وأشاروا إلى أن إشراك الشخصيات المؤثرة على الأرض كالأطباء وعلماء الدين وبعض الشخصيات الاعتبارية في كل منطقة في حملات التوعية سواء بشكل مباشر أو من خلال الإنترنت سيكون له دور عظيم في نشر وإقناع الكثيرين باللقاح في مجتمع يتأثر بالتبعيات الدينية والسياسية .
لمسنا من خلال لقائنا مع الإعلاميين بوادر طيبة وأفكاراً بناءة ورغبة في العمل يداً بيد مع القطاع الصحي لتجاوز هذه الجائحة. ولكن الفجوة الواسعة وفوضى المعلومات المضللة وعدم التواصل الفعال أثرت جميعها على سبل التعاون . ولكن الوقت لم يفت بعد، فجائحة كوفيد 19 مستمرة، و قطاع الإعلام يمكن أن يلعب دوراً أكبر في التوعية والمشاركة والمراقبة في المجتمع.
بقلم عمر الحراكي
طبيب مقيم سابق في قسم الإصابات وجراحة العظام في مستشفى باب الهوى ، إدلب ، سوريا