SCAHR Home

رؤى حول إعادة بناء حوكمة النظام الصحي في مناطق سوريا التي تسيطر عليها المعارضة: دراسة نوعية

المجلة الدولية لإدارة السياسات الصحية 2019، 8(4)، 233-244

مقالة أصلية

رؤى حول إعادة بناء حوكمة النظام الصحي في مناطق سوريا التي تسيطر عليها المعارضة: دراسة نوعية

يزن دويدري، ناتاشا هاوارد*

 

الخلاصة

خلفية: ساهم النزاع المستمر والاستهداف المنهجي للمنشآت الصحية وللعاملين في القطاع الصحي (في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة) من قبل النظام السوري في انهيار النظام الصحي وآليات الحوكمة. وقد تم إنشاء مديريات للصحة  في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في عام 2014 من قبل وزارة الصحة المؤقتة (المعارضة) وذلك لتلبية الاحتياجات الناشئة. ونظراً لأن هذه المديريات تعتبر السلطات الصحية المحلية المسؤولة عن حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا فإنها تواجه العديد من التحديات. إن هذه الدراسة تستطلع جهود حوكمة النظام الصحي الجارية في 5 مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا.

المنهجيات: تم اختيار تصميم دراسة نوعية باستخدام مقابلات متعمقة مع 20 مشاركاً من أشخاص بارزين مطّلعين تم اختيارهم بشكل مقصود (عينة ليست عشوائية) من مديريات الصحة ومن منظمات غير حكومية  ومن الجهات المانحة بالإضافة إلى أفراد من مستخدمي الخدمة. وقد جرى تحليل البيانات حسب المواضيع.

النتائج: تم اعتبار عناصر حوكمة النظام الصحي (أي الرؤية الاستراتيجية والمشاركة والشفافية والاستجابة والعدالة والفعالية والمساءلة والمعلومات) مهمة لكنه لم يتم تفسيرها أو معالجتها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. حدد المشاركون مديريات الصحة على أنها المسؤولة في المقام الأول عن حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وكانت التحديات الرئيسية التي تم تحديدها في إدارة النظام الصحي هي الأمن (مثل استهداف المنشآت الصحية والعاملين فيها) والتمويل والقدرات. كما أن الحلول المقترحة قد شملت دعم مديريات الصحة والتعامل مع خسارة العاملين في القطاع الصحي وتحسين التنسيق.

الاستنتاج: إن إعادة بناء حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا تتقدم بالفعل وذلك على الرغم من النزاع المستمر. تحتاج السلطات الصحية المحلية إلى الدعم حتى تتغلب على التحديات التي تم تحديدها وتبني آليات حوكمة مستدامة للنظام الصحي.

الكلمات المفتاحية: حوكمة النظام الصحي، تقوية النظام الصحي، النزاع، المرونة، سوريا

حقوق الطبع والنشر: © 2019 للمؤلفين؛ تم النشر من قِبل جامعة كرمان للعلوم الطبية ( Kerman University of Medical Sciences). هذا مقال مفتوح الوصول يوزع بموجب شروط ترخيص إسناد المشاع الإبداعي (http://creativecommons.org/licenses/by/4.0) والذي يسمح بالاستخدام والتوزيع وإعادة الإنتاج دون قيود بأية وسائط بشرط الاستشهاد من العمل الأصلي بالشكل الصحيح.

الاقتباس:

Douedari Y, Howard N. Perspectives on rebuilding health system governance in opposition-controlled Syria: a qualitative study. Int J Health Policy Manag. 2019;8(4):233–244. doi:10.15171/ijhpm.2018.132

 

*تاريخ المقال: الاستلام: ٥ أيار/مايو ٢٠١٨ القبول: ١٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٨ تاريخ النشر الإلكتروني: ٩ كانون الثاني/يناير ٢٠١٩

*المراسلات مع: ناتاشا هاوارد. البريد الإلكتروني: natasha.howard@lshtm.ac.uk

 

الرسائل الأساسية

الآثار المترتبة على صنّاع السياسات

        إن الاعتراف السياسي بالسلطات الصحية المحلية أمر ضروري إذا أُريد لمبادرات الحوكمة المحلية الأولية أن تنجح.

        هناك حاجة ماسة إلى الدعم المالي والتقني للسلطات الصحية المحلية إذا أُريد لها البقاء.

        لحماية مبادرات حوكمة النظام الصحي الهشة يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بالمزيد لإنهاء عمليات قصف المنشآت الصحية والعاملين في القطاع الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

الآثار المترتبة على الجمهور

هذه الدراسة النوعية هي أول جهد لاستكشاف حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، وقد وجدت أن مديريات الصحة المحلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة تواصل تقديم الخدمات الصحية وتطوير مبادرات حوكمة النظام الصحي الهش على الرغم من التحديات الهائلة بما في ذلك النزاع المستمر والقصف المستمر الذي يستهدفها. وقد بدأت بالفعل إعادة بناء حوكمة النظام الصحي من خلال المبادرات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، إلا أن مديريات الصحة هذه تتطلب المزيد من الدعم التقني والمالي لضمان عدم فقدان التقدم.

 

مقدمة

كان عدد سكان سوريا-  وهي دولة متوسطة إلى منخفضة الدخل في شرق البحر الأبيض المتوسط- حوالي 21 مليون نسمة في عام 2010 1، بدأت الانتفاضة في عام 2011 بعد اعتقال وتعذيب 15 صبياً في درعا قاموا بكتابة شعارات مناهضة للحكومة على جدران المدارس.1 سرعان ما انتشرت الاحتجاجات السلمية في البداية، ولكن ردّ النظام السوري باعتقال وقتل المتظاهرين2-5. فبدأ المدنيون بتسليح أنفسهم6 وتحولت المقاومة السلمية إلى صراع مسلح7. ومع سيطرة قوات المعارضة على العديد من المناطق بدأ النظام بقصف الناس والبنية التحتية8،9.

اختار المؤلفان مصطلح “المناطق التي تسيطر عليها المعارضة” للإشارة إلى المناطق السورية التي تسيطر عليها عسكرياً الجماعات من المدنيين أو أفراد انتموا سابقاَ للجيش السوري (مثل الجيش السوري الحر) وهذه المجموعات دخلت في نزاع نشط مع النظام السوري. ويستثنى من تلك المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردي  أو القوات الأجنبية مثل “الدولة الإسلامية”.

بعد اندلاع النزاع انهار النظام الصحي على نطاق واسع في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، حيث لم تعد أهم جهتين فاعلتين في الحوكمة الصحية- وهما الحكومة السورية ومنظمة الصحة العالمية- تعملان هناك.10 ومن الظاهر أن النظام وحلفاءه قد استهدفوا العامليين في القطاع الصحي والمنشآت الصحية بشكل منهجي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.11 وبحلول أيلول/سبتمبر 2018 كان قد تم مهاجمة 452 منشأة صحية وقتل 886 عاملاً في القطاع الصحي، 90% منهم على الأقل باستهداف من قبل قوات النظام السوري والقوات الروسية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة.12 وتسببت الهجمات في تراجع في الخدمات المقدمة أو في إغلاق المنشآت الصحية.13 كما هاجر الكثير من العاملين في القطاع الصحي مما قلل من أعدادهم أكثر في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. فعلى سبيل المثال كان في حلب قبل الثورة طبيب واحد تقريباً لكل 800 شخص. ولكن في عام 2015 أصبح في حلب الشرقية حيث تسيطر عليه المعارضة حوالي طبيب واحد لكل 7000 شخص.13 وعلى الرغم من أن الهجمات المتعمدة تحتل العناوين الرئيسية وأن تضرر النظام الصحي كان أقل شدة، إلا أن الحقيقة انه تأثر بشكل كبير وربما يكون أكثر تدميراً. ويضاف الى تدمير البنة التحتية والنزوح الجماعي متضمناً العامليين الصحيين، هناك إجراءات يشار إليها أحياناً باسم ’عسكرة الصحة‘ وتشمل توقف الحكومة عن تمويل النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ومنع المساعدات الإنسانية أو الجهات الفاعلة من العمل في هذه المناطق.14 وقد ساهم فقدان دعم الدولة ومنظمة الصحة العالمية وتقييد أنشطة الجهات الفاعلة الإنسانية التقليدية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى فراغ في السلطة والذي تم ملؤه من قبل مجموعة متنوعة من الفاعلين في النظام الصحي القائم والجهات الفاعلة الشعبية.

لقد أدى النزاع إلى تحويل عسكرة الصحة وتسييسها في الوقت نفسه. فالأنظمة الصحية هي ساحة طبيعية من الصراح خلال النزاعات الأهلية، سواء كوسيلة لمعاقبة مجموعات السكان الثائرة (من خلال سحب الخدمات أو تدميرها مثلاً) وكمصدر محتمل للشرعية للجهات المعارضة الفاعلة (مثلاً إذا تمكنت من تقديم خدمات صحية لائقة فإنها يمكن أن تحسن الكفاءة والرعاية المتصورتين وبالتالي تحسن الشرعية). ومع ذلك فإن توفير الخدمات الصحية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة يمثل تحدياً مع افتقاره غالباً إلى الطواقم المتخصصة والمعدات اللازمة ومتابعة الرعاية (تقديم الرعاية للمرضى لفترة من الزمن بعد انتهاء المرض، مثل اجراء زيارات دورية).13،15-17 وقد ازدادت الأمراض الحادة والمزمنة مما جعل الكثير من المرضى يموتون بسبب حالات كان من الممكن علاجها.18-20 كما تفاقمت حالات النقص في المعدات والإمدادات الطبية وكذلك وجود إمدادات غير مستوفية للمعايير بسبب عدم توفر الكهرباء والمياه والوقود.13،18،21 وغالباً ما يبقى العاملون في المنشآت الصحية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع للاستجابة لحالات الطوارئ مما يسبب لهم كثيراً من الإجهاد والإرهاق.13,22,23 كما اختفت الحوافز المالية إلى حد كبير لأن الرواتب منخفضة وغير منتظمة.13 في حين يتم التغلب على القيود جزئياً من خلال إحالة بعض الحالات إلى البلدان المجاورة.24 ومع ذلك فإن هذا الخيار غير متاح في جميع المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لأن بعضها محاصر أو يفتقر إلى الوصول الآمن إلى الخارج.25,26

إن هذه التحديات ليست غريبة، فغالباً ما يتم تقييد توفير الرعاية الصحية للمدنيين أثناء النزاع النشط. فعلى سبيل المثال يخاطر المهنيون الصحيون في اليمن بحياتهم لتوفير الرعاية داخل نظام صحي قد انهار تقريباً، ويجب أن يركزوا على توفير الخدمات الإسعافية مع إدارة عواقب هجرة عمال القطاع الصحي ونقص الإمكانات واستهداف المنشآت والطواقم الصحية.27،28 ومع ذلك ما يزال حجم هجمات النظام الصحي في سوريا أكبر، بما يقرب من 485 هجوماً على المنشآت في سوريا منذ عام 2014 مقارنةَ مع ما يقارب 160 هجوماً في اليمن منذ عام 2015. 12،29،30 كذلك لوحظ البحث عن الرعاية الصحية عبر الحدود في النزاعات المزمنة بما في ذلك فلسطين والصومال.31 في حين لم يتم العثور على بيانات حول ظهور القطاع الخاص في مناطق سوريا التي تسيطر عليها المعارضة مثلما تم الإبلاغ عنه في البلدان الأخرى المتضررة من النزاعات.31

ولكن بالمجمل فإن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا ليست غير منظمة بالقدر المتوقع.32 فهناك عناصر الحوكمة المدنية القائمة والتي تشمل قوات الشرطة والسلطة القضائية والمديريات التقنية مثل الصحة والتعليم.33 وقد تم تشكيل هذه السلطات المحلية بالأساس لتلبية الاحتياجات الناشئة لإدارة المجتمع حيث تختلف كميتها ونوعيتها وأنشطتها وتكوينها.34 ومع ذلك فإن المنشورات السابقة حول الحوكمة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا لا تصف حوكمة النظام الصحي.32-36

لقد تم تقديم الخدمات الصحية من قِبل مديريات الصحة والمنظمات غير الحكومية.31-37 بدأت المنظمات غير الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية المحلية بالعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في أواخر عام 2012 جالبةً معها تمويلاً دولياً.21-38 فقد قدمت معظم المنظمات غير الحكومية مساعدة إنسانية إسعافية، رغم أن بعضها بدأ تدريجياً بتنفيذ برامج للتنمية والقدرة على التكيف. وبما أنه لا توجد سلطة رسمية موحدة في هذه المناطق فقد عملت المنظمات غير الحكومية في غالبية الأحيان دون رقابة رسمية أو اتفاقيات تعاقد/مذكرات تفاهم مع سلطات النظام أو المعارضة.33،39 تم تأسيس مديريات صحة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في عام 2014 من قبل وزارة الصحة المؤقتة  التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.40 وقد كانت هناك بنىً مماثلة قبل النزاع وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام لكنها انهارت في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. حيث تهدف مديريات الصحة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى تكرار دور أسلافها في تأمين حوكمة مناطقية للنظام الصحي بالانتساب إلى وزارة الصحة المؤقتة.

مديريات الصحة هي السلطات المحلية المسؤولة عن حوكمة النظام الصحي. ومع ذلك فبينما كان الهدف من مديريات الصحة أن تكون كيانات موجهة نحو الحوكمة فقد ركز معظمها بطبيعة الحال على تقديم الخدمات أثناء الأزمة. وباعتبارها من مقدمي الخدمات الأساسيين فإن مديريات الصحة تواجه العديد من التحديات بما في ذلك نقص الخبرة والبنى الإدارية، فمعظم قادتها لم يشغلوا مناصب مماثلة من قبل، هذا بالإضافة إلى التمويل غير الكافي للخدمات والرواتب المطلوبة.34 كما أدى القصف اليومي من قبل النظام السوري على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى زيادة عدم الاستقرار وفقدان الطواقم مما صعَّب الحياة اليومية والإدارة.34

يُعزى الفضل للحوكمة الجيدة في منع نشوب النزاعات والحد من الفقر وتعزيز التنمية. فوزارة التنمية الدولية في المملكة المتحدة تعرّف الحوكمة بأنها  “كيفية عمل المؤسسات والقواعد وأنظمة الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والعسكرية على المستوى المركزي والمحلي وكيفية ارتباط الدولة بفرادى المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص”.41 ويمكن تعريف حوكمة النظام الصحي بأنها  “الإجراءات والوسائل التي يتبناها مجتمع ما لتنظيم نفسه في تعزيز صحة سكانه وحمايته”.42،43 وفي حين طور الباحثون مؤخراً هذا المفهوم بشكل أعمق إلا أن الأبحاث العالمية حول حوكمة النظم الصحية ما تزال محدودة نسبياً.44-49 ومع ذلك تشير الأبحاث إلى أن تعزيز حوكمة النظام الصحي في البلدان المتضررة من النزاعات يمكن أن تحسن القدرة على الصمود وإعادة البناء بعد انتهاء النزاع.50-52

حتى يدعم المجتمع الدولي مبادرات الحوكمة المستقبلية في سوريا بشكل أفضل، فإنّ بنى الحوكمة الحالية والرؤى حول كيفية سن حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة تحتاج إلى دراسة. وبالتالي هدفت هذه الدراسة إلى استكشاف عناصر حوكمة النظام الصحي وتحدياتها وحلولها المحتملة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا في عام 2016 من أجل زيادة فهم العوامل السياقية والتاريخية لمشاركة الحوكمة المحلية في سوريا35 والمساهمة في النقاش العالمي حول جهود حوكمة النظام الصحي في مناطق النزاع المتواصل. كانت الأهداف هي تفحُّص تصورات مقدمي الرعاية الصحية ومستخدمي الخدمة المحليين حول: (أولاً) عناصر حوكمة النظام الصحي المستمدة من إطار صدّيقي وزملائه43؛ (ثانياً) أدوار الجهات الفاعلة المؤسسية وعلاقاتها و(ثالثاً) التحديات والحلول المحتملة. كما تتم مناقشة توصيات لواضعي السياسات والممارسين العاملين في مجال حوكمة النظام الصحي في بيئات مماثلة.

 

المنهجيات

تصميم الدراسة وأخذ العينات

نظراً للطبيعة الاستكشافية للبحث فقد تم اختيار تصميم دراسة نوعية باستخدام مقابلات شبه منظمة مع أناس بارزين مطّلعين من مقدمي الخدمات الصحية ومستخدِمي الخدمة في التجمُّعات المختارة.53 كان سؤال البحث الأساسي هو: ”ما هي الدروس التي يمكن استخلاصها من مبادرات حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا والتي قد يكون من الممكن تطبيقها على نزاعات أخرى؟“ وكان السؤال البحثي الثانوي هو: “كيف ملأت الجهات الفاعلة في النظام الصحي المحلي فراغ الحوكمة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا أثناء النزاع؟ وما هي أنواع بنى حوكمة النظام الصحي الموجودة؟ وهل يجب دعمها؟”.

تم الاسترشاد بشأن تطوير دليل المقابلة والتحليل الأولي بالإطار الذي وضعه صدّيقي وزملاؤه لتقييم حوكمة النظام الصحي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.43 وقد تم اختيار هذا الإطار لكونه مباشراً نسبياً ولأنه تم تطبيقه في دول شرق البحر الأبيض المتوسط سابقاً، وهو يتضمن عشرة عناصر: (أولاً) الرؤية الاستراتيجية، (ثانياً) المشاركة والتوجه التوافقي، (ثالثاً) سيادة القانون، (رابعاً) الشفافية، (خامساً) الاستجابة، (سادساً) العدالة والشمولية، (سابعاً) الفعالية والكفاءة، (ثامناً) المساءلة، (تاسعاً) الاستخبارات وتأمين المعلومات، و(عاشراً) الأخلاقيات.43 يقدم الجدول 1 في قسم النتائج وصفاً لكل عنصر.

تم اختيار عينة المشاركين بشكل متعمّد لتقديم طيف من مساهمات النظام الصحي مصنَّف على النحو التالي: (أولاً) مديرية صحة أو (ثانياً) منظمة إنسانية غير حكومية أو (ثالثاً) جهة مانحة أو (رابعاً) مستخدِم خدمة. وقد واجه تطويع المشاركين ولا سيما مديريات الصحة والمنظمات غير الحكومية المحلية ومستخدمي الخدمة تحديات من حيث هواجس السرية والسلامة ومحدودية الكهرباء والوصول إلى الإنترنت والقيود الزمنية. وقد تم تجميع جهات الاتصال الشخصية باستخدام تطبيق واتساب مع توصية كل منهم بثلاثة مشاركين محتملين آخرين من أجل زيادة الثقة والاستعداد للمشاركة. تم تطويع المنظمات غير الحكومية الدولية والمشاركين المانحين من خلال عمليات البحث في المواقع الإلكترونية والدعوات عبر البريد الإلكتروني والاتصالات الشخصية داخل المنظمات التي كانت قد دعمت تقديم الخدمات الصحية في سوريا منذ عام 2013 على الأقل. تم أخذ عينات من المشاركين من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة على المستوى الوطني حيث كانوا يعملون عادة في العديد من المحافظات. حيث تم تعريف الجهات المانحة على أنها منظمات تدعم السلطات المحلية سواء من الناحية التقنية أو المالية. ويبدو أن هذا النهج المتبع يوفر تنوعاً كافياً في ظل القيود المستمرة.

تم اختيار مديريات الصحة كسلطات محلية بناءً على رأي الخبراء حيث تم اختيار مدراء مديريات الصحة الأكثر خبرة (مثلاً سنة واحدة على الأقل) للمشاركة. تم أخذ عينات من مديريات الصحة ومستخدِمي الخدمة من 5 محافظات تسيطر عليها المعارضة (أي حلب ودرعا وحماة وإدلب وريف دمشق). وقد تم اختيار هذه المحافظات بالتشاور مع الخبراء على أنها المناطق الرئيسية التي تسيطر عليها المعارضة والتي لديها أشكال ملموسة من الحوكمة (الشكل). لم تكن مديريات الصحة متجانسة مع اختلافات من حيث تاريخ التأسيس والأحجام والموارد ومستويات الأمان. فعلى سبيل المثال كانت بعض مديريات الصحة موجودة بالفعل منذ 4-5 سنوات في وقت إجراء هذه الدراسة (كما في إدلب مثلاً)، في حين تم إنشاء البعض الآخر في العام السابق فقط بموجب قرار من وزارة الصحة المؤقتة (كما في حلب مثلاً). كما كان لدى العديد من مديريات الصحة بعض الموارد (إدلب مثلاً) بينما كان تمويل بعضها الآخر محدوداً للغاية (حماة مثلاً). وكان الحجم الجغرافي وعدد السكان مختلفين (مثلاً عملت مديرية صحة إدلب في جميع أنحاء المحافظة بينما كانت مديرية صحة حماة تغطي أقل من ربع المحافظة). وكذلك كانت مستويات الأمان مختلفة في كل محافظة مما أثَّر على الاحتياجات الصحية والموارد. فعلى سبيل المثال كانت مديرية صحة ريف دمشق تعمل في منطقة محاصرة تحت قصف مستمر ومع موارد محدودة في حين كانت مديرية صحة درعا تغطي منطقة مستقرة نسبياً وكان بإمكانها الحصول على إمدادات من الأردن.

 

جمع البيانات

تم تطوير دليلين توجيهيين للمقابلات (أي مقدمي الخدمات ومستخدميها) لدراسة عناصر الإطار النظري، وأدوار الحوكمة ومسؤولياتها، والتحديات والحلول المتصورة. وقد تم تشكيل الدليلين بناءً على المنشورات السابقة ومشاورات الخبراء مع السماح في الوقت نفسه باستكشاف المفاهيم التي تطرأ.43 تم تنظيم المقابلات عن قصد بما يسمح للمشاركين بتقديم فهمهم الخاص لعناصر الحوكمة. وبالتالي تم استبعاد سيادة القانون والأخلاقيات بعد أن أشار اختبار دليل الأسئلة الأولي إلى أنها مفاهيم ذات إشكالية لدى المشاركين لكي تؤخذ بعين الاعتبار أثناء النزاع. استَخدمت المقابلات التي أجريت مع مقدمي الخدمات (أي مدراء مديريات الصحة وطواقم المنظمات غير الحكومية وممثلي الجهات المانحة) الدليل الموضوعي الكامل واستمرت حوالي ساعة واحدة. أما مقابلات مستخدمي الخدمة التي استَخدمت دليلاً موضوعياً مختصراً (أي أسئلة أقل لكل عنصر مع استبعاد الرؤية الاستراتيجية والاستخبارات/المعلومات) واستغرقت حوالي 30 دقيقة. وقد تم إجراء جميع المقابلات باستخدام خدمة سكايب أو تطبيق واتساب أو الهاتف لكون المشاركين موجودين في سوريا أو تركيا في حين وجود المؤلفان في المملكة المتحدة .54

تم إجراء عشرين مقابلة بمعدل 5 مقابلات لكل فئة من المشاركين في الفترة الممتدة من تموز/يوليو إلى آب/أغسطس 2016 (الجدول 2). تم تحديد تشبع البيانات باستخدام شبكة التشبع الموصوفة من قبل فوكس ونيس.55 تم إجراء المقابلات في أوقات اختارها المشاركون وتم تسجيلها رقمياً وكتابتها باللغة العربية (باستثناء مقابلة واحدة باللغة الإنجليزية) وترجمتها إلى الإنجليزية. وقد تم تسجيل الموافقة الكتابية والشفهية المستنيرة قبل المقابلات. وأُرسلت إلى المشاركين نسخ إلكترونية من ورقة المعلومات واستمارة الموافقة مع أسئلة تمت الإجابة عنها قبل إجراء المقابلات. استخدم المشاركون الذين ليست لديهم إمكانية وصول إلى الحاسوب الهواتفَ المحمولة لتصوير نماذج الموافقة الموقعة وإرسالها. وقد نجح هذا لأنّ إمكانية الوصول إلى الهواتف الذكية أمرٌ سهلٌ في سوريا. ونظراً للمخاوف الأمنية فقد تم تسجيل المقابلات بشكل مجهول الهوية باستخدام رقم معرِّف للمشاركين. كما تم تخزين التسجيلات والنصوص في ملفات محمية بكلمة مرور.

 

الجدول 1. عناصر حوكمة النظام الصحي والنتائج الرئيسية

عناصر الحوكمة

الوصف

نتائج مستوى التنفيذ

الروية الاستراتيجية

· لدى القادة تصور كبير وطويل الأمد بشأن الصحة والتنمية البشرية وشعور بالتوجهات الاستراتيجية لمثل هذا التطور وفهم التعقيدات التاريخية والثقافية والاجتماعية.

· كانت الرؤية طويلة الأمد محدودة لكنها مهتمة بإعادة بناء النظام الصحي. في حين أن الرؤية قصيرة الأمد كانت تركز على الحفاظ على مظهر من مظاهر تقديم الخدمات.

· تراوحت الخطط الاستراتيجية من 6 أشهر إلى 3 سنوات.

المشاركة والتوجه نحو توافق الآراء

· لدى جميع الرجال والنساء صوت في صنع القرار إما مباشرة أو من خلال وسطاء شرعيين يمثلون مصالحهم.

· كانت آراء مستخدِمي الخدمة تؤخذ في الاعتبار أحياناً لكن ليس بشكل روتيني.

· كانت مديريات الصحة بمثابة ’وسطاء‘ يمثلون مصالح مستخدمي الخدمة.

سيادة القانون

· يجب أن تكون الأطر القانونية المتعلقة بالصحة عادلة ومطبقة بشكل غير متحيز، ولا سيما قوانين حقوق الإنسان المتعلقة بالصحة.

· أدى غياب السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى الحد بشدة من سيادة القانون.

الشفافية

· التدفق الحر للمعلومات من أجل جميع المسائل الصحية مع توفر الوصول إلى العمليات والمؤسسات والمعلومات بشكل مباشر ومفيد بما يكفي للمعنيين.

· كان يتم تبادل المعلومات داخلياً (مثلاً داخل أقسام مديريات الصحة) وأحياناً مع الهيئات المؤسسية الخارجية، إلا أنه لم تتم إلا مشاركة القليل منها مع الجمهور.

الاستجابة

· يجب أن تحاول المؤسسات والعمليات خدمة جميع أصحاب المصلحة لضمان أن السياسات والبرامج تستجيب لاحتياجات مستخدم الخدمة.

· رأى مستخدمو الخدمات أن النظام الصحي يستجيب لاحتياجات الناس بالنظر إلى القيود الناجمة عن النزاع المستمر.

الإنصاف والشمولية

· يجب أن تتاح فرص لجميع الرجال والنساء لتحسين صحتهم ورفاههم أو الحفاظ عليهما.

· قام مستخدمو الخدمات بتقييم الخدمات الصحية إيجابياً بأنها متاحة للجميع مجاناً.

· لم تتوفر أية بيانات عن القيود المحتملة على الفئات الاجتماعية المهمشة.

الفعالية والكفاءة

· يجب أن تسفر العمليات والمؤسسات عن نتائج تلبي احتياجات السكان وتؤثر على النتائج الصحية مع تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد.

· أشار مستخدمو الخدمات إلى جودة الخدمات وفعاليتها وكفاءتها باعتبارها مقبولة بالنظر إلى القيود الشديدة التي يفرضها النزاع المستمر.

المساءلة

· يتحمل صناع القرار في الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالصحة المسؤولية أمام الجمهور وأصحاب المصلحة المؤسسيين.

· كانت توجد آليات داخلية وخارجية للرصد والمساءلة مثل ’آليات التغذية الراجعة من المستفيدين‘.

· لوحظ أن هذه الآليات غير كافية بشكل عام، لكن التحسينات كانت محدودة بسبب الافتقار إلى التمويل والأمن.

المعلومات والاستخبارات

· إن الاستخبارات والمعلومات ضرورية لتوفير أدلة على القرارات المستنيرة التي تدعم الرؤية الاستراتيجية للصحة أو لا تتعارض معها.

· قُدمت بيانات ضئيلة عن أنواع المعلومات التي تم جمعها.

· تباينت أساليب جمع البيانات بين استخدام فرق متخصصة لجمع المعلومات مباشرة أو الاعتماد على كيانات أخرى لجمع المعلومات وذلك تبعاً للتمويل.

الأخلاقيات

· أخلاقيات الصحة العامة تشمل عدم التحرش والإحسان والكرامة والعدالة واحترام الاستقلال الذاتي والتي هي مهمة لحماية مصالح مستخدمي الخدمة وحقوقهم.

· لم يتم استكشاف الاعتبارات الأخلاقية، حيث بدت معالجة هذا الأمر بفعالية صعبة للغاية على المشاركين نظراً للنزاع المستمر.

 

التحليل

قام ي.د بتحليل البيانات بحسب الموضوعات وذلك باستخدام الترميز اليدوي الاستنتاجي والاستقرائي وفقاً للمراحل الست التي وصفها براون وكلارك.56 حيث تم ترميز البيانات في البداية ضمن عناصر إطار العمل العشرة43 والحوكمة المتصورة للنظام الصحي: (أولاً) المسؤوليات، (ثانياً) الأدوار، (ثالثاً) التحديات، و(رابعاً) الحلول. وتم تطوير موضوعات فرعية بشكل استقرائي مثلما وصف جونز وآخرون.57 وقد تمت مراجعة الموضوعات من قبل ناتاشا هاوارد وتم الاتفاق على التناقضات بين المؤلفين. كما أن صياغة التقارير تلتزم بمعايير COREQ (المعايير الموحدة لصياغة تقارير البحوث النوعية).58

 

النتائج

يتم تنظيم النتائج تحت عناصر حوكمة النظام الصحي وثلاثة موضوعات إضافية: (أولاً) المسؤولية والأدوار المتصورة لحوكمة النظام الصحي، (ثانياً) التحديات المتصورة لحوكمة النظام الصحي، و(ثالثاً) الحلول المقترحة. وقد تم دمج إجابات المشاركين أينما كانت الإجابات متشابهة كما تم التفريق بينها حسب نوع المشارك عندما كان ذلك يوفر ذلك فارقاً بسيطاً إضافياً.

 

عناصر حوكمة النظام الصحي

يقدم الجدول 1 رؤى المشاركين فيما يتعلق بكل عنصر من عناصر الحوكمة. ورغم أن المشاركين لم يُسألوا على وجه التحديد عن سيادة القانون والأخلاقيات فقد تم تضمين البيانات ذات الصلة والمنبثقة عن المقابلات.

تم وصف الرؤية الاستراتيجية بشكل مختلف تبعاً لدور المشاركين وتفسيرهم، لكنها كانت بحسب الضرورة قصيرة إلى متوسطة الأمد وتتعلق بالتخطيط الاستراتيجي في المقام الأول. فعلى سبيل المثال تم وصف مديريات الصحة بأنها رد فعل ضرورية للحفاظ على توفير خدمة فورية رغم القيود المفروضة على الرؤية طويلة الأمد بسبب كل من انعدام الأمن الجسدي والتمويلي. ومع ذلك فقد وصف بعض المشاركين الرؤى طويلة الأمد لمديريات الصحة في إعادة بناء النظام الصحي السوري وإدارته. حيث تراوحت الخطط الاستراتيجية من 6 أشهر إلى 3 سنوات.

”لدينا خطة استراتيجية لمدة 3 سنوات مقسمة إلى 3 خطط أصغر لكل سنة. ولدينا مؤشرات لقياس إنجازاتنا في نهاية كل سنة ستساعدنا على تحقيق هدفنا المتمثل بإعادة بناء النظام الصحي. نريد إعادة بناء النظام الصحي وفقاً للمعايير الدولية مع مراعاة سياق حربنا“ (HD5).

الشكل. خارطة لسوريا توضح مناطق السيطرة في 1 آب/أغسطس 2016. المصدر: https://syria.liveuamap.com/en/time/01.08.2016.

 

لم يصف المشاركون من المنظمات غير الحكومية رؤية استراتيجية صريحة، بل ناقشوا بدلاً من ذلك نوايا الاستمرار بتقديم الخدمات ودعم مديريات الصحة رغم أن بعضهم أشار إلى استراتيجيات مؤسسية للتنسيق الإقليمي وتطوير إرشادات تقديم الخدمة والعمل مع اللاجئين السوريين. وهكذا تراوحت الخطط الاستراتيجية للمنظمات غير الحكومية من خطط غير موجودة إلى خطط تمتد على 3 سنوات. ووصف المشاركون المانحون رؤيتهم الاستراتيجية بأنها دعم للحوكمة المحلية إما كدعم مخصص لمديريات الصحة أو دعم عام للانتقال من الإغاثة إلى الإنعاش وإعادة بناء النظام الصحي بالإضافة إلى خطط استراتيجية تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات.

 

الجدول 2. معلومات المشاركين

الرمز

الفئةb

الموقع

المقابلة

عناصر الحوكمة والموضوعات التي تمت مناقشتها

HD1

مديرية صحة

إدلب، سوريا

واتساب

المساءلة والرؤية الاستراتيجية والشفافية والذكاء وإدارة المعلومات والشرعية

أدوار وعلاقات الجهات الفاعلة المؤسسية

تحديات وحلول الحوكمة الصحية

HD2

مديرية صحة

حماه، سوريا

واتساب

HD3

مديرية صحة

درعا، سوريا

واتساب

HD4

مديرية صحة

ريف دمشق، سوريا

سكايب

HD5

مديرية صحة

حلب، سوريا

سكايب

SU1

مستخدِم خدمة

حلب، سوريا

سكايب

الشفافية والشرعية والفعالية والاستجابة والشمول والمشاركة

SU2

مستخدِم خدمة

إدلب، سوريا

واتساب

SU3

مستخدِم خدمة

درعا، سوريا

واتساب

SU4

مستخدِم خدمة

ريف دمشق، سوريا

واتساب

SU5

مستخدِم خدمة

حماه، سوريا

واتساب

NG1a

منظمة غير حكومية محلية (تعمل مناطقياً منذ عام 2011)

في الخارج

سكايب

المساءلة والرؤية الاستراتيجية والشفافية والذكاء وإدارة المعلومات

 

أدوار وعلاقات الجهات الفاعلة المؤسسية

تحديات وحلول الحوكمة الصحية

NG2a

منظمة غير حكومية دولية (تعمل مناطقياً منذ عام 2013)

في الخارج

سكايب

NG3a

منظمة غير حكومية دولية (تعمل مناطقياً منذ عام 2013)

في الخارج

سكايب

NG4a

منظمة غير حكومية دولية (تعمل مناطقياً منذ عام 2013)

في الخارج

سكايب

NG5a

منظمة غير حكومية دولية (تعمل مناطقياً منذ عام 2012)

في الخارج

سكايب

DO1

جهة مانحة

في الخارج

واتساب

المساءلة والرؤية الاستراتيجية والشفافية والذكاء وإدارة المعلومات

 

أدوار وعلاقات الجهات الفاعلة المؤسسية

تحديات وحلول الحوكمة الصحية

DO2

جهة مانحة

في الخارج

واتساب

DO3

جهة مانحة

في الخارج

سكايب

DO4

جهة مانحة

في الخارج

سكايب

DO5

جهة مانحة

في الخارج

عبر الهاتف

a تشير السنوات الموجودة بين قوسين إلى زمن بدء المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية بالدعم النشيط لتقديم الخدمات الصحية في سوريا؛ b كان أغلب المشاركين في المقابلات سوريين وليسوا موظفين أجانب، حيث كان من المتوقع أن يكونوا أكثر دراية بالواقع في سوريا.

 

وقد اختلفت وجهات النظر حول درجة المشاركة في النظام الصحي وتوافق الآراء وما إذا كان قد تم أخذ آراء مستخدِمي الخدمة في الاعتبار عند تخطيط الخدمات وتنفيذها. وأشار معظم المشاركين إلى أن القيود التي يفرضها العمل في المناطق المتأثرة بالنزاع قد حدت من فرص مشاركة مستخدِمي الخدمات، مما يترك مديريات الصحة تعمل كوسطاء لتمثيل مصالح مستخدِمي الخدمات.

وبالنظر إلى القيود الشديدة التي تعمل فيها المنشآت الصحية فإن المشاركين لم يميزوا بوضوح بين الاستجابة والفعالية. وأشار جميع المشاركين إلى أن مديريات الصحة قد استجابت لاحتياجات مستخدِمي الخدمة قدر الإمكان مشددين على أن هذا لم يكن مثالياً إلا أنه جيد بما يكفي آخذين الوضع بعين الاعتبار. وبالمثل فقد تراوحت الآراء بشأن الفعالية بين ”سيئة“ و”ممتازة“. إلا أن المشاركين اتفقوا عموماً على أن الجودة كانت مقبولة بالنظر إلى التحديات القائمة.

”جودة الخدمات سيئة. وهناك غياب [للموارد] الأساسية في المستشفيات الميدانية… ومع ذلك وبالنظر إلى الدعم الذي تتلقاه [المستشفيات] فإنني أود أن أقول إن [جودة الخدمة] ممتازة“ (SU3).

تم وصف الإنصاف والشمولية بالحد الأدنى لكن بشكل إيجابي ولا سيما أن الخدمات مجانية ومتاحة للجميع. ومع ذلك لم يقدم المشاركون أي مؤشر على المخاوف التي من المحتمل أن تتفاقم بسبب النزاع مثل تأثر الفئات المهمشة اجتماعياً بالفعل. وكذلك بدا المشاركون على دراية بقضايا الشفافية. حيث أفاد المشاركون في مديريات الصحة بأن بيانات حوكمة مديريات الصحة وتقديم الخدمات كانت متاحة لجميع الموظفين وتتم مشاركتها مع جهة فاعلة مؤسسية أخرى واحدة على الأقل (مثل مجالس المحافظات والمنظمات غير الحكومية ووزارة الصحة المؤقتة ومدراء المستشفيات) وأحياناً مع الجمهور. كما أشارت المنظمات غير الحكومية إلى أنها قدمت معلومات عامة عن توافر الخدمات، وقدم بعضها بيانات أشمل مثل الميزانية وتخصيص الموارد وخطط الشراء وتوزُّع المستفيدين. وأشارت الجهات المانحة إلى أن مواقعها على الإنترنت تضمنت بيانات عن البنية التنظيمية والتمويلات المتاحة والمتوقعة وإجراءات صنع القرار وتوزيع المشاريع الممولة. وبالإضافة إلى ذلك فقد قام بعض المانحين بمشاركة المعلومات مع جهات فاعلة أخرى بما في ذلك مديريات الصحة والمجالس المحلية والمورِّدين. وأشار مستخدِمو الخدمة إلى مستوى معين من شفافية النظام الصحي والوصول إلى المعلومات رغم أن التفاصيل كانت غامضة على الرغم من الاستقصاء.

تحدث المشاركون عن المساءلة من حيث التدقيق الداخلي أو الخارجي والعواقب ذات الصلة. حيث وُصفت مديرية الصحة بأن لديها آليات مساءلة داخلية وخارجية مثل عمليات التدقيق. ووصف بعض المشاركين من مديريات الصحة انتخاب مدير مديرية الصحة لديهم بأنه دليل على المساءلة التي أشاروا إلى أنها غير عادية لأنه وقبل الثورة كان يتم تعيين جميع الموظفين بما في ذلك المدراء. وفي حين لاحظ المشاركون أن آليات المساءلة القائمة غير مُرضية فقد أشاروا إلى أنه لم يكن بالإمكان تحقيق تحسينات كبيرة نظراً لانعدام الأمن والتمويل.

”لدينا قسم للرقابة والتقييم في مديرية الصحة يراقب جميع المشاريع ويضمن التزامنا بالقوانين واللوائح والمعايير الدولية […]. ونحن منفتحون على الرقابة الخارجية وكانت لدينا في الماضي جهات فاعلة خارجية تراقب مشاريعنا وتقيِّمها مثل إحدى المنظمات غير الحكومية أو الجهات المانحة أو مجلس المحافظة“ (HD5).

تحدث المشاركون من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة وجود ’آليات تغذية راجعة من المستفيدين‘ وآليات مساءلة داخلية وخارجية. في حين أشارت المنظمات غير الحكومية إلى المساءلة أمام الجهات المانحة بالإضافة إلى ذلك.

تحدث المشاركون عن الشرعية كمفهوم ذي صلة من حيث مقبولية المؤسسات ومصداقيتها و’حقها المتصوَّر في الحكم‘ من قبل أصحاب المصلحة. وبدا أن مديريات الصحة تكتسب الشرعية في المقام الأول من الجهات الفاعلة المحلية (مثل مدراء المنشآت الصحية والمجالس المحلية ومجالس المحافظات والأطباء والمجتمعات المحلية) رغم أن بعض الجهات الفاعلة الخارجية (مثل المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة) يمكن أن تضفي بعض الشرعية أيضاً.

”هناك شرعية لمديريات الصحة وما تزال موجودة باتفاق الأطباء العاملين داخل سوريا بشكل أساسي وثانياً من خلال العمل والتنسيق مع المنظمات غير الحكومية“ (HD2).

لقد بدا أن إدارة المعلومات مسألة مهمة بالنسبة لجميع الجهات الفاعلة. فقد تم جمع البيانات ولكن ليس بالضرورة بأكثر الطرق كفاءة، ولا يمكن بالضرورة العمل عليها لدعم الاستراتيجية. حيث قامت مديريات الصحة بجمع البيانات إما من قبل فرق متخصصة أو عبر البريد الإلكتروني من مدراء المنشآت الصحية. كما قامت المنظمات غير الحكومية بجمع البيانات مباشرة من المنشآت الصحية أو من منظمات غير حكومية أخرى في حين قام المانحون بجمع البيانات عبر تقارير منتظمة من الجهات التي موَّلوها بالإضافة إلى بعض عمليات المراقبة والتقييم الداخليين.

”نقوم بجمع المعلومات من المستشفيات عبر البريد الإلكتروني كل شهر. ومع ذلك فإن كل مستشفى يَستخدم نموذجاً خاصاً به لجمع البيانات وهذا يؤثر على دقة [جدوى توحيد] المعلومات التي تم جمعها“ (HD1).

 

مسؤولية حوكمة النظام الصحي وأدوارها

لقد طُلب من المشاركين أن يحددوا الجهات الفاعلة المؤسسية الرئيسية المسؤولة عن حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وأن يصفوا أدوار الجهات الفاعلة ذات الصلة في حوكمة النظام الصحي. وقد اتفق معظمهم على أن مديريات الصحة كانت مسؤولة عن حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة رغم اقراح بعض المشاركين من مديريات الصحة أنه هذا ينبغي أن ينتقل هذا الدور إلى وزارة الصحة المؤقتة مستقبلاً. ومع ذلك أشار عدد قليل إلى أن المنظمات غير الحكومية كانت هي المسؤولة في المقام الأول أو بصورة مشتركة بما أن المنظمات غير الحكومية كانت تمتلك الأموال وتقدم الخدمات. وبالإضافة لذلك أشار بعض المشاركين من المنظمات غير الحكومية إلى أن سلطات محلية أخرى كانت تتنافس على تحمل هذه المسؤولية في بعض المحافظات. وأشار المشاركون من الجهات المانحة إلى أن العديد من أصحاب المصلحة كانوا مسؤولين عن حوكمة النظام الصحي بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ومديريات الصحة ومنظمة الصحة العالمية والجهات الفاعلة المحلية الأخرى، إلا أن مديريات الصحة ينبغي أن تكون هي الجهات الفاعلة المسؤولة بشكل رئيسي. قال المشاركون من مستخدِمي الخدمة إن مديريات الصحة أو المنظمات غير الحكومية كانت هي المسؤولة، لكنهم اقترحوا أنه يجب أن تكون مديريات الصحة هي الجهة المسؤولة. وأشارت الإجابات إلى الطبيعة المفتتة والمتنازع عليها للنظام الصحي في هذه المحافظات بالإضافة إلى القبول العملي بأن مديريات الصحة كانت تشغل هذا الدور بأفضل ما يمكن في بيئة مليئة بالتحديات.

”لا توجد هيئة واحدة مسؤولة في سوريا الآن… وهناك حاجة لأن تقوم وزارة الصحة [المؤقتة] والمنظمات غير الحكومية بتقاسم المسؤوليات عن الحوكمة الصحية [بما أن] مفهوم الحوكمة جديد في سوريا… أعتقد أن الوضع الحالي طبيعي لكنه قد لا يكون صحياً […] في المستقبل يجب أن يكون العمل الاستراتيجي من مسؤولية وزارة الصحة في حين تقوم المنظمات غير الحكومية بملء الفجوات وتقديم العمل الإنساني فقط“ (NG1).

تحدث المشاركون عن الأدوار المترابطة والمتنازع عليها أحياناً فيما بين الجهات الفاعلة ذات الصلة (أي مديريات الصحة ووزارة الصحة المؤقتة والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة وجماعات المعارضة المسلحة) في حوكمة النظام الصحي. إلا أن المناقشة كانت سطحية نسبياً.

سلط المشاركون الضوء على أن دور حوكمة مديريات الصحة يشمل مراقبة عمل الجهات الفاعلة الأخرى والتنسيق بين الجهات الفاعلة وتمثيل العاملين الصحيين ومراقبة البرامج الصحية ومراقبة الأدوية وتحديد الأولويات والتثقيف الصحي ومنح المؤهلات والاستعداد لإعادة البناء بعد انتهاء النزاع في سوريا. وبالتالي يجب أن تكون مديريات الصحة مسؤولةً تجاه وزارة الصحة الوطنية والتي يمكن أن تدمج مديريات الصحة التي تسيطر عليها المعارضة وتلك التي يسيطر عليها النظام في المستقبل. واعترف جميع المشاركين من المنظمات غير الحكومية بالأدوار التي تضطلع بها مديريات الصحة بوصفها السلطات الصحية المحلية وبعلاقة الشراكة التي تقيمها المنظمات غير الحكومية وذلك من خلال الدعم المالي لمديريات الصحة والبرامج المشتركة والتعاون والمشاركة في صنع القرار. ومع ذلك أشار العديد منهم إلى أن كليهما كانا مختلفين بحسب مدى تطور كل مديرية صحة.

”إننا ننسق مباشرة مع مديريات الصحة ونتعاون معها لكننا لا ندعمها مالياً لأن مانحينا يرفضون هذا […]. نحن نعتمد على تقييم احتياجات مديرية الصحة. فرأي مديرية الصحة حول المشاريع والأولويات مهم للغاية… ووجود مديريات الصحة هذه يشجع المنظمات غير الحكومية على التنسيق فيما بينها من خلال مديرية الصحة“ (NG3).

جميع المشاركين من الجهات المانحة وصفوا مديريات الصحة بأنها السلطة الصحية المحلية رغم أن البعض أشار إلى أن هذا الدور كان ضعيفاً. وكان من غير الواضح فيما إذا كانت هذه الإجابة غير المتوقعة بسبب اعتراف المشاركين المانحين بشكل غير رسمي بمديريات الصحة كسلطات محلية رغم أن منظماتهم لا تقدم الدعم لمديريات الصحة حتى تتصرف على هذا النحو أو بسبب تحيز المشاركين (مثلاً بافتراض أن هذا هو ما كان من المفترض أن يقولوه).

اتفق المشاركون على أنه لم يكن لوزارة الصحة المؤقتة دور حالي في حوكمة النظام الصحي لأنها ما تزال ضعيفة ولأن أنشطتها قد توقفت. ولم يكن هناك اتفاق بشأن ما إذا كان دورها رمزياً أم لا بسبب الافتقار إلى الدعم السياسي والمالي الذي حال دون دعمها بشكل كامل أو دعمها من قبل مديريات الصحة. وبالمثل لم يكن لمجالس المحافظات والمجالس المحلية دور مباشر في حوكمة النظام الصحي إلا أنه كان ينظر إليها على أنها تتعاون وتنسق مع مديريات الصحة دون أن يكون لها دور تنفيذي صريح. ومع ذلك تنافس البعض مع مديريات الصحة كما فعلت بعض المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة.

كانت أوصاف المانحين واسعة النطاق. فقد وصف البعض دورهم في الحوكمة بأنه دعم حوكمة مديريات الصحة من خلال توفير الرواتب وتكاليف التشغيل، والتدريب وبناء القدرات وتسليم المشاريع للمديريات على سبيل المثال. ومع ذلك فإن عدداً قليلاً من الجهات المانحة دعم مديريات الصحة مباشرة بدلاً من العمل من خلال المنظمات غير الحكومية، وهذا عائد جزئياً إلى مخاوف بشأن التعامل مع السلطات الصحية التي تسيطر عليها المعارضة واعتبارها بدائل سياسية للنظام السوري. حيث أشار بعض المانحين إلى أنه ينبغي أن يكون لهم دور مباشر في اتخاذ قرار بشأن نموذج الحوكمة أو ناقشوا المخاوف السياسية بشأن الاعتراف بمديريات الصحة كسلطات محلية وبالتالي كبديل للنظام السوري. وأشار آخرون إلى أن دور الجهات المانحة في المستقبل ينبغي أن يتمثل في تقديم مستوى أعلى من الدعم لمديريات الصحة مثل التدريب على بناء البنى وتطوير السياسات أو مساعدة مديريات الصحة على أن تكون ممولة ذاتياً. ومع ذلك فإن معظم المشاركين من غير المانحين لم يصفوا الجهات المانحة بأنها تلعب دوراً إيجابياً في حوكمة النظام الصحي إما لأن الجهات المانحة لم تعترف بمديريات الصحة كسلطات صحية محلية أو لأن الجهات المانحة كانت تهتم بالاستجابة الإنسانية أكثر من التنمية. ووصف أحد المشاركين دور الجهات المانحة بأنه سلبي حيث تدعم كل منها نماذج حوكمة مختلفة دون تنسيق فيما بينها.

تراوحت أوصاف دور وكالات الأمم المتحدة في الحوكمة من لا شيء إلى وصفها على أنها منحازة للنظام السوري. ومع ذلك أشار المشاركون إلى أنه لم يكن بإمكان وكالات الأمم المتحدة أن تعترف رسمياً بمديريات الصحة كسلطات صحية محلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، لأن القيام بهذا يعني طردهم من المناطق التي يسيطر عليها النظام. ومع ذلك اعتمدت وكالات الأمم المتحدة على مديريات الصحة في بعض المشاريع مثل حملات شلل الأطفال مما أعطى مدراء مديريات الصحة الانطباع بأن الأمم المتحدة قد اعترفت بهم كسلطات صحية محلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وأشارت أوصاف المنظمات غير الحكومية إلى أنه ليس لها دور أو أن لها دوراً سلبياً في حوكمة النظام الصحي بما أنها كانت تقدم الخدمات بغض النظر عن الحوكمة. ومع ذلك كان للمنظمات غير الحكومية دور غير مباشر عبر دعم مديريات الصحة إما تقنياً (أي التدريب/ بناء القدرات) أو مالياً أو عبر بناء شراكات لتقديم الخدمات الصحية أو عبر اعتبار مديريات الصحة كسلطات صحية محلية في التخطيط. وكانت الآراء متباينة بشأن ما إذا كان هذا الدور سيقل بعد انتهاء النزاع. كما تباينت الآراء بشأن دور الجماعات المسلحة، رغم أن معظم الآراء أشارت إلى أنها لم تتدخل في حوكمة النظام الصحي. حيث انخرطت معها مديريات الصحة حسب الضرورة في حين أصرت المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة على أنه لا علاقة لمنظماتها بالجماعات المسلحة.

”إننا نعمل دون الحصول على إذن من الفصائل العسكرية لأن هذا البلد للجميع!“ (HD4)

 

التحديات التي تواجه حوكمة النظام الصحي

سُئل المشاركون عن التحديات الرئيسية التي تواجه حوكمة النظام الصحي، وقد أشار معظمهم إلى أنها تتمثل في الأمن والتمويل وقدرات مديريات الصحة. فقد ارتبط انعدام الأمن بالحوكمة من حيث إضعاف فعالية النظام الصحي والاستجابة والمساءلة والاستخبارات. وقد تم تحديد الأمن من قِبل معظم المشاركين على أنه التحدي الرئيسي ومصدر التحديات الرئيسية الأخرى (مثل فقدان الطواقم الصحية ذات الخبرة في الحوكمة). وناقش معظمهم الاستهداف اليومي المنهجي من قِبل النظام للمنشآت الصحية والطواقم الصحية ومخاطر اختطاف العاملين في المجال الصحي من قِبل الجماعات المسلحة. فعلى سبيل المثال ناقش المشاركون من مستخدِمي الخدمة انعدام السلامة في المنشآت الصحية بسبب استهدافها المتعمد من قبل النظام مما أدى إلى إغلاق مؤقت أو دائم للمنشآت الصحية وإلى انخفاض الخدمات والقدرات وموت وهجرة العاملين في القطاع الصحي وتدمير المعدات والأدوية. حيث ذكر أحد المشاركين عدم وجود عيادات في منطقته بسبب الاستهداف. ووصف آخر أنّ مسشفاً تعرض للهجوم بأكثر من ١٥٠ برميلاً متفجراً، واغتيال مدير مسشفاً من قِبل طائرة روسية.

”إنهم [النظام السوري] يهاجمون حتى مراكز الرعاية الصحية الأولية ومرافق رعاية الأمومة. وهذه مرافق إنسانية بحتة ولا تعالج جرحى الحرب، ومع ذلك فإنهم يقصفونها“ (HD2).

ارتبط التمويل الذي لا يمكن التنبؤ به أيضاً بالحوكمة من حيث إضعاف فعالية النظام الصحي والاستجابة والشرعية والرؤية الاستراتيجية. فقد نوقشت التحديات من قبل الجميع باستثناء الجهات المانحة. حيث شملت القضايا عدم استقرار الدعم التمويلي لمديريات الصحة وأوجه التباين الرئيسية بين رواتب موظفي مديرية الصحة ورواتب موظفي المنظمات غير الحكومية والافتقار إلى الدعم المالي لأسر العاملين الصحيين المتوفين. وأشار المشاركون من المنظمات غير الحكومية إلى أنه كان من السهل الحصول على تمويل للمشاريع الصحية إلا أنه كان من الصعب جداً الحصول على تمويل لدعم حوكمة النظام الصحي (عبر توفير الرواتب والتدريب والتكاليف التشغيلية لمديريات الصحة على سبيل المثال) رغم الانخفاض النسبي لهذه التكاليف. فعلى سبيل المثال كانت التكاليف الجارية لمسشفاً واحدٍ تعادل تكلفة مديرية صحة محافظة بكاملها. وحتى عندما كان هناك تمويل لحوكمة النظام الصحي فقد كان يتوفر عادةً لفترات قصيرة مثل 6 أشهر. وبالإضافة لهذا وبما أن وكالات الأمم المتحدة والعديد من الجهات المانحة لم تكن تعترف سياسياً بمديريات الصحة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة فقد كان من الصعب تلقي التمويل وإدارته.

كانت القدرة متعلقة بالحوكمة من حيث إضعاف فعالية النظام الصحي وقدرته على الاستجابة. وقد ناقش معظم المشاركين فقدان المتخصصين ذوي الخبرة في الحوكمة والعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية من خلال الوفاة أو الإعاقة أو الاعتقال أو الهجرة، مما ساهم في نقص الخبرة في الحوكمة بين موظفي مديريات الصحة. وأشار المشاركون من مديريات الصحة إلى أن هذا الوضع كان حاداً على نحو خاص لأن النظام الصحي السابق كان ضعيفاً بالفعل ويفتقر إلى التنظيم الفعال والإنصاف في التوزيع. ونظراً لعدم وجود سلطة قضائية أو تنفيذية أو تشريعية واحدة ولغياب وضوح بنى مديريات الصحة فقد كان على مديريات الصحة أن تتفاوض مع جميع أصحاب المصلحة بما في ذلك الجماعات المسلحة المتعددة وهو أمر صعب ويستغرق الكثير من الوقت.

كانت آثار انخفاض القدرة على استقرار الخدمات وجودتها من الهواجس الرئيسية. فعلى سبيل المثال كان على معظم طواقم مديريات الصحة أن يعملوا في مكان آخر لتأمين الدخل، وقد أدى وقتهم المحدود إلى تقليل جودة أدائهم. وبالمثل فقد تم تفسير الافتقار إلى الإمدادات والخدمات على أنه تقليل للجودة.

”حُرم أطفالنا من التطعيم ضد شلل الأطفال لمدة 5 سنوات. وقد تمكنا هذا العام من الحصول عليه بمساعدة المنظمات غير الحكومية واليونيسيف. وما زلنا لا نملك مراكز لعلاج الأورام وأمراض القلب في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. حيث نرسل هذه الحالات إلى البلدان المجاورة“ (HD2).

ناقش المشاركون من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة ضعف مديريات الصحة وتفتت النظام الصحي بما في ذلك الاختلافات بين مديريات الصحة والتي حالت دون وجود نظام موحّد وكذلك نقص الموظفين المؤهلين والقدرة الإجمالية المحدودة. وفي حين عزا البعض محدودية القدرات إلى استهداف وهجرة الموظفين المؤهلين فقد أشار أحدهم إلى أن معظم الموظفين المؤهلين موجودون في دمشق تحت سيطرة النظام بما أن سوريا تدار مركزياً. وقد لاحظ المشاركون عدم وجود إرادة لبناء حوكمة النظام الصحي، حيث بقيت سوريا في مرحلة الاستجابة للطوارئ ولم تكن الجهات الفاعلة – المحلية منها والدولية – راغبة في العمل على بناء حوكمة النظام الصحي. وأشار آخرون للافتقار إلى فهم مشترك لإدارة النظام الصحي بين مختلف الجهات الفاعلة. حيث أشارت الأوصاف إلى نظام مفتت مليء بالتحديات لا تحكمه مديريات الصحة أو أية جهات فاعلة أخرى بشكل كامل. فعلى سبيل المثال أبلغ المشاركون عن الاعتماد الكامل أحياناً على المنظمات غير الحكومية مع امتلاك كلٍّ منها لأولويات من المحتمل أن تكون متضاربة وعن منافسة مديريات الصحة للهيئات المحلية والدولية التي كانت أفضل تأسيساً أو أقوى مالياً.

”لا يشاهد أحد الصورة بأكملها إلا مديريات الصحة. ولا تستطيع المنظمات غير الحكومية أن ترى الصورة الكاملة“ (HD1).

قام جميع المشاركين من مستخدِمي الخدمة بمناقشة القدرات على أنها إضعاف للحوكمة من خلال تقليل الفعالية والاستجابة والشرعية (مثلاً من خلال عدم كفاية الإمدادات والعاملين في القطاع الصحي وخاصة الأطباء). فقد كان من الصعب العثور على الأدوية، والتي لا يمكن تحمل تكلفتها حتى عندما تكون متوفرة مما يؤدي إلى معاناة في الرعاية المزمنة. ووصف أحدهم مراجعة طبيب للحصول على استشارة، حيث كان يعاين 3 إلى 4 مرضى في الوقت نفسه ويعطي مسكنات الألم للحالات غير الطارئة. ومن ثم فإن الطاقة الاستيعابية في المنشآت الصحية كانت محدودة.

”أصيبت يدي وتعرضت لكسر بشظايا القصف […] وكان عليَّ أن أقدم الإسعافات الأولية لنفسي…. وعنما ذهبت إلى المستشفى أعطوني مسكنات الألم وهدأوا وضعي وأرسلوني إلى المنزل […] كان هناك المئات من الأشخاص المصابين… وكانوا مشغولين للغاية بإصابات أخرى…“ (SU4).

 

الحلول المحتملة

اقترح المشاركون ثلاث منهجيات رئيسية لتقوية حوكمة النظم الصحية في المحافظات: (أولاً) دعم مديريات الصحة، (ثانياً) التخفيف من أثر فقدان العاملين الصحيين، (ثالثاً) التنسيق.

 

دعم مديريات الصحة

اتفق جميع المشاركين على أن مديريات الصحة تحتاج إلى الدعم المالي من أجل توفير حوكمة مجدية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. آليات التمويل القائمة المخصصة لهذا الغرض شملت إلى حد كبير تحصيل رسوم مقابل خدمات مثل إعطاء التراخيص أو اختبار الأدوية وإعادة فرض رسوم رمزية على المستخدمين وتطوير مشاريع مدرة للدخل وإيجاد وظائف بدوام جزئي للموظفين (مع المنظمات غير الحكومية مثلاً) والتطوع بوقتهم لدى مديريات الصحة كلما أمكن ذلك وتحويل التمويل من برامج أخرى. فعلى سبيل المثال انطوى تمويل أسر العاملين الصحيين المتوفين على تحويل نسبة مئوية من رواتب الموظفين إلى صندوق دعم. إلا أن أياً من الطرق لم تنجح تماماً. أخذت مديريات الصحة مشورة من خبراء يعيشون خارج سوريا واعتمدت على لوائح منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) للتمويل الطارئ بشأن تعزيز النظم الصحية.

ناقش المشاركون من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة وسائل دعم حوكمة مديريات الصحة بما في ذلك الدعم المالي لرواتب الطواقم والتكاليف التشغيلية، والدعم الفني من خلال التدريب وبناء القدرات، والدعم الرمزي من خلال العمل مع مديريات الصحة كسلطات صحية محلية معترف بها. وشمل الدعم الرمزي زيادة ظهور مديريات الصحة واستخدام إحصائيات مديرية الصحة والسماح لمديريات الصحة بمراقبة المنظمات غير الحكومية وتمثيل مديريات الصحة في القطاع الصحي وإشراك مديريات الصحة في صنع القرار وتسويق مديريات الصحة إلى الجهات المانحة وتسليمها بعض المهام. ووقَّعت بعض المنظمات غير الحكومية اتفاقاً لدعم مديريات الصحة والاعتراف بها بوصفها السلطة الصحية المحلية الوحيدة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

”في خطط خروجنا نضمن دائماً تسليم المشاريع الصحية إلى مديريات الصحة“ (DO3).

التخفيف من أثر فقدان العاملين في القطاع الصحي

قام المشاركون من مديريات الصحة والجهات المانحة بتحديد التخفيف من الخسائر على أنه أمر بالغ الأهمية للحوكمة في حين أن المشاركين من المنظمات غير الحكومية ومستخدِمي الخدمات لم يذكروا هذا الأمر. وتحدث أحد المشاركين عن مبادرة للتثقيف الصحي مدتها 8 أشهر لتدريب عمال جدد في القطاع الصحي من أجل سد الثغرات. وقد أطلق عليها اسم ”التدريب أثناء العمل“، حيث تم إطلاقها لتدريب واعتماد ’مساعدي الممرضين‘ الذين يعملون دون مؤهلات في قطاع الصحة. إلا أنها لم تسد الفجوة الطبية (حيث يحتاج طلاب الطب إلى 6 سنوات من الدراسة وأربع سنوات من التخصص)، لكنها قد تشجع العاملين الصحيين الآخرين على البقاء في البلاد بما أنه يمكنهم مواصلة الدراسة والتقدم. وتناول مشارك آخر هجرة وخسارة العاملين الصحيين من خلال زيادة عبء العمل على الأطباء الحاليين، حيث يعمل كل منهم في عدة مشافٍ خلال أيام الأسبوع. وقد زاد هذا من الإرهاق مما أدى إلى تدهور فعالية النظام الصحي واستجابته. وأفاد آخر بأنه التمس المشورة من زملائه في مديريات صحة أخرى للتعويض عن افتقاره إلى الخبرة في القيادة والحوكمة. كما ناقش المشاركون من الجهات المانحة تقليل هجرة الخبرات إلى الحد الأدنى من خلال الحوافز المالية. وشملت الاقتراحات توفير فرص العمل أو الرواتب عند عدم وجودها وتوفير رواتب أعلى للأطباء في بعض المناطق وتوفير التدريب الطبي للتعويض عن الفقدان.

 

التنسيق

أشار المشاركون إلى أن التنسيق مع الجهات الفاعلة الأخرى يمكن أن يساعد في معالجة تفتت النظام الصحي والمنافسة في غياب سلطة موحدة. وشدد المشاركون من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة على أهمية التنسيق بين الجهات الفاعلة في مجال الصحة ولا سيما مديريات الصحة والمنظمات غير الحكومية والمجالس المحلية.

”إننا نؤكد على التنسيق مع مديريات الصحة في كافة المواضيع حتى لو كان بإمكاننا حل المشاكل بسرعة أكبر من خلال شركائنا دون مديريات الصحة“ (NG3).

أشار المشاركون إلى التنسيق من خلال مجموعة الصحة الإنسانية (كلاستر الصحة) في غازي عينتاب-تركيا، لكنهم أوضحوا أنها أعطت مديريات الصحة مقعداً واحداً فقط بدلاً من إعطاء مقعد لكل مديرية صحة، وهو ما وُصف بأنه غير كافٍ نظراً لاحتياجاتهم وسياقاتهم المختلفة.

 

النقاش

النتائج الرئيسية

تضيف هذه الدراسة إلى الأبحاث حول الحوكمة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا وتقدم رؤى متعمقة حول تجارب حوكمة النظام الصحي أثناء النزاع. حيث ركزت أبحاث مماثلة حول سوريا على الحوكمة العامة أو الاحتياجات الصحية مما يجعل هذه الدراسة أول دراسة يكون مؤلفوها على دراية بدراسة حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتشمل مجموعة من أصوات النظام الصحي (أي السلطات الصحية المحلية والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة ومستخدِمي الخدمة). وقد تكون هذه أول دراسة تستكشف وجهات نظر مستخدِمي الخدمة السوريين بشأن الصحة أو الحوكمة منذ بدء النزاع، وهي محاولة أولية لاستكشاف حوكمة النظام الصحي أثناء النزاع، حيث ركزت الأبحاث السابقة على إعادة الإعمار ’بعد انتهاء النزاع‘ دون اعتبار الجهود التي بدأت أثناء النزاع.

أفادت جميع فئات مقدمي الخدمات (أي مديريات الصحة والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة) عن مستوى معين من الرؤية الاستراتيجية والمساءلة والشفافية وإدارة المعلومات. وركزت الرؤية الاستراتيجية على بناء الحوكمة المحلية وتوفير الخدمات المستمرة. ويتسق التركيز قصير الأمد في الرؤية والتخطيط الاستراتيجيين مع نموذج المنتدى رفيع المستوى وغيره من المؤلفات المتعلقة بآثار النزاع المزمن على مكونات النظام الصحي.59،60 حدث اتفاق بين مديريات الصحة ومستخدمي الخدمة على أن الشرعية التي تم اكتسابها من الجهات الفاعلة المحلية تتسق مع أبحاث الحوكمة في سوريا.35 كما أن اتفاق آراء مستخدِمي الخدمة بشأن استجابة القطاع الصحي وشفافيته وتنوع الآراء حول الفعالية والمشاركة يتفق مع حجة خلَف بأن الفعالية المتصورة في سوريا تستند إلى تقديم الخدمات.35 وبالتالي فإن استخدام عناصر حوكمة النظام الصحي التي طرحها صدّيقي وزملاؤه كمعايير نوعية بدا مفهوماً للمشاركين وكان متسقاً مع المنشورات السابقة.43,47,61-63

ولوحظ أيضًا ظهور الحوكمة الشعبية أثناء النزاعات المزمنة مثلما هي الحال في فلسطين والصومال.31 والأهم من ذلك أنه تم تحديد مديريات الصحة في كثير من الأحيان كهيئات مسؤولة عن حوكمة النظام الصحي بين جميع المشاركين مع وصف المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة لدورها كداعم لمديريات الصحة في حوكمة النظام الصحي، وهذا ما لم يتم العثور عليه في المنشورات السابقة. تم وصف وزارة الصحة المؤقتة بأنه ليس لها دور ذو مغزى في حوكمة النظام الصحي، ربما بسبب عدم قدرتها على دعم مديريات الصحة مالياً أو بما يعكس العلاقات المعقدة مع الجهات الفاعلة الأخرى. وفي حين يصف المراقبون في كثير من الأحيان ظهور مديريات الصحة كظاهرة شعبية مستقلة عن قرارات وزارة الصحة المؤقتة إلا أن الواقع أكثر تعقيداً. فعلى سبيل المثال رغم أنه تم إنشاء مديريات الصحة رسمياً من قبل وزارة الصحة المؤقتة إلا أنها لم تتلق دعماً مالياً أو تقنياً منها، وبالتالي نمت بعض مديريات الصحة بشكل مستقل. كما أن مديريات صحة أخرى كانت موجودة قبل مرسوم وزارة الصحة المؤقتة (مثل مديرية صحة إدلب).

كان الدور السلبي المحتمل للمنظمات غير الحكومية متسقاً مع المنشورات السابقة.64-68 فعلى سبيل المثال جادلَ هار بأن المنظمات غير الحكومية التي لا تنسق تخطيط المشاريع وتنفيذها مع السلطات المحلية تؤثر سلباً على شرعية السلطات المحلية واستقرارها.66 كما تم تسليط الضوء على أدوار الجهات المانحة في دعم حوكمة النظام الصحي والتنسيق في الدول الهشة69 مما يجعل من المثير للاهتمام أن المشاركين من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة اقترحوا أنه لم يكن للآخرين أي دور إيجابي في حوكمة النظام الصحي في سوريا. وكان هناك خلاف كبير حول أدوار وكالات الأمم المتحدة مما يشير إلى توترات ووجهات نظر متنازع عليها داخل المجتمع الإنساني الدولي. وقد كانت اتهامات المشاركين بتحيز الأمم المتحدة للنظام السوري متسقة مع الأبحاث الأخيرة.14 ففي حين دعمت المنشورات السابقة نتائج التدخل من قبل الجماعات المسلحة فقد قال معظم المشاركين إن جماعات المعارضة المسلحة لم تتدخل بشكل عام في حوكمة النظام الصحي.13

كانت تحديات حوكمة النظام الصحي التي تم تحديدها (أي الأمن والتمويل والقدرة) متسقة مع المنشورات السابقة والتي ناقشت أيضاً استهداف المنشآت الصحية والطواقم الصحية وفقدان العاملين في القطاع الصحي ونقص التمويل والتنافس بين الجهات الفاعلة في حوكمة النظام الصحي.13،34،66 كما أن تحديات ”عسكرة الصحة“ الأخرى تشمل وقف تمويل النظام السوري للنظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ومنع الجهات الفاعلة الإنسانية من العمل هناك.14 وتجدر الإشارة إلى الاختلافات في الأهمية المتصورة للتحديات بين فئات المشاركين. فعلى سبيل المثال بينما بدا الأمن جوهرياً بالنسبة للمشاركين من مديريات الصحة ومستخدمي الخدمة فإنه تمّت مناقشته بشكل أقل من قِبل المشاركين من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة. وأحد الأسباب المحتملة لذلك هو أن مديريات الصحة ومستخدِمي الخدمة يقيمون في سوريا في حين أن المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة يقيمون خارج البلاد عموماً. وبدا أن التمويل جوهري بالنسبة للمشاركين من مديريات الصحة وأقل أهمية بالنسبة للمشاركين من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة، وهذا ربما لأن هذه الأخيرة كانت تتمتع بفرص أكبر للحصول على التمويل. وذكر الجميع أن القدرات تمثل تحدياً أمام الحوكمة مشيرين إلى أهميتها الإجمالية. ومن المثير للاهتمام أن المشاركين من مديريات الصحة قد سلطوا الضوء على الافتقار إلى الدعم في حين سلطت المنظمات غير الحكومية الضوء على الافتقار إلى الإرادة لدعم مديريات الصحة وبناء حوكمة النظام الصحي، وسلطت الجهات المانحة الضوء على كفاءة مديريات الصحة. وتشير هذه الاختلافات إلى حلقة مفرغة احتاجت فيها مديريات الصحة إلى الدعم للتغلب على نقاط الضعف وبناء القدرات في حين لم تكن الجهات المانحة راغبة بدعم مديريات الصحة لأنها كانت تفتقر إلى القدرات. كما اقترح هار أن تنظر الجهات المانحة إلى الاستثمار في الدول الهشة على أنه محفوف بالمخاطر سياسياً ومالياً لأن لدى مثل هذه البلدان سياسات ومؤسسات ضعيفة نسبياً.66

كانت الحلول الرئيسية التي ناقشها المشاركون (أي دعم مديريات الصحة والتخفيف من فقدان العاملين في القطاع الصحي والتنسيق) متسقة مع المنشورات السابقة.13,34,35,66,69,70 فعلى سبيل المثال ناقش بيكر إنشاء مدرسة تمريض في حلب.13 وناقش الجندي الحاجةَ إلى الدعم المالي والتقني للسلطات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.34 كما احتج خلَف بأن الموارد الاقتصادية والبشرية ضرورية لنجاح الحوكمة.35 وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن المشاركين ركزوا على كيفية دعم مديريات الصحة إلا أن مديريات الصحة لم تكن مجرد متلقين سلبيين للتدخلات وكان بإمكانها القيام بالمزيد بنفسها لتوليد الدعم. ومع ذلك فإنه من الصحيح أيضاً أنه كان لدى مديريات الصحة حيز محدود جداً ضمن السياسات للمناورة. وبالتالي كان من الممكن أن يؤدي تقديم الدعم الخارجي المناسب إلى القيام بالمزيد لتحسين ظروفهم أكثر من إجراء تغييرات داخل مديريات الصحة نفسها.

منذ إجراء البحث بقيت حوكمة النظام الصحي في إدلب وحماه دون تغيير نسبياً. كما سيطرت القوات الروسية وقوات النظام السوري على محافظتين من محافظات الدراسة (أي ريف دمشق ودرعا) في عام 2018. وقد تم تفكيك جميع بنى سلطتها المحلية بما في ذلك مديريات الصحة بسبب ’تحدي‘ سلطة النظام السوري. وفي أواخر عام 2016 سيطرت القوات الروسية والسورية على مدينة حلب ومناطق من الريف المحيط بها مع معاملة مماثلة لمديريات الصحة فيها. وفي عامي 2017-2018 سيطرت تركيا على شمال حلب (أي درع الفرات) وشمال غرب حلب (أي منطقة عفرين التي يسكنها الأكراد) والتي كانت تسيطر عليها الدولة الإسلامية (IS) وقوات YPG الكردية على التوالي. وتتولى وزارة الصحة التركية حالياً قيادة حوكمة النظام الصحي في هاتين المنطقتين.

 

الآثار المترتبة على السياسة والممارسة

تشير النتائج إلى العديد من الآثار المحتملة على صانعي السياسات (مثل الاعتراف بدور حوكمة النظام الصحي لمديريات الصحة ودعمه ومراعاة الاحتياجات طويلة الأمد عند تخصيص التمويل والدعوة ضد استهداف المنشآت الصحية) والجهات المانحة والممارسين (مثل دعم بناء قدرات مديريات الصحة والتكاليف الجارية ودعم تثقيف وتدريب العاملين في القطاع الصحي وتحسين التنسيق) والباحثين (مثل تحديد وفحص مبادرات حوكمة النظام الصحي في المناطق المتأثرة بالنزاع والتي تسيطر عليها المعارضة والتي يمكن البناء عليها مع انخفاض العنف أو توقفه).

نظراً للأهمية المتفق عليها لحوكمة النظام الصحي على مستوى العالم وحقيقة أنها لا تتلقى سوى القليل من التمويل أو الاعتبار في سوريا فقد كان من الممكن لصانعي القرار أن يعترفوا بجهود حوكمة النظام الصحي لمديريات الصحة ودعمها بشكل أفضل. ومن شأن هذا أن يتيح آفاق تمويل أطول أجلاً ورؤية استراتيجية أكبر. إلا أنه للقيام بهذا يحتاج المجتمع الدولي إلى قبول مديريات الصحة كسلطة صحية فعلية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

اعتُبر تدمير المنشآت والطواقم الصحية تحدياً رئيسياً وجريمة حرب محتملة. حيث يجب على صانعي القرار الإنساني والأمني على مستوى العالم أن يعملوا بقوة أكبر لحماية المنشآت والطواقم الصحية أثناء النزاع.

بإمكان الجهات المانحة تعزيز حوكمة النظام الصحي الحالي من خلال تعزيز مديريات الصحة مثل بناء قدراتها على أن تكون مستقلة مالياً ودعم رواتب مديريات الصحة والتكاليف التشغيلة و/أو توجيه المشاريع الصحية من خلالها حتى تصبح قوية بما يكفي لتكون مستقلة. من الناحية المثالية يمكن لبعض تمويل الاستجابة لحالات الطوارئ أن يدعم حوكمة النظام الصحي. تحتاج مبادرات التعليم إلى دعم سياسي ومالي وتقني حتى تنجح. وأحد الأمثلة على مبادرة ناجحة أمكن تكييفها هو تعليم القبالة المجتمعية كما في أفغانستان مثلاً.71,72 يجب على جميع الممارسين بما في ذلك مديريات الصحة أن ينسقوا بشكل أكثر عمداً على المستويات المحلية للتغلب على تحديات التفتت ووجود جهات فاعلة متعددة ومتنافسة من أجل إعادة بناء نظام صحي موحد.

هناك حاجة إلى مزيد من البحث لدراسة عناصر حوكمة النظام الصحي وتطورها ومبادراتها في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتضمين منظور أوسع من الجهات الفاعلة ولا سيما وكالات الأمم المتحدة. ويمكن أن تقارن الأبحاث بين البلدان الأخرى التي تشهد صراعات مستمرة (مثل الصومال وجنوب السودان) للمساعدة في تعميم الدروس المستفادة. وبالإضافة لذلك ونظراً للتغيرات السريعة في سوريا فستكون هناك حاجة إلى مزيد من البحث النوعي حول الوضع المتطور. حيث تُظهر نتائج الدراسة أن حوكمة النظام الصحي قد تبدأ أثناء وجود نزاع، مما يشير إلى أن وجود أجندة بحثية أوسع حول ظهور الحوكمة الصحية وتطورها وعناصرها وبُناها الفعالة أثناء النزاع سيكون ذا قيمة.

 

المحدوديات ونقاط القوة

كان لدراستنا العديد من المحدوديات. أولاً إنّ حوكمة النظام الصحي هو مفهوم معقد كانت البيانات الخاصة به في سوريا محدودة للغاية. وقد وفّر إطار صدّيقي وزملائه نقطة انطلاق مفيدة، إلا أنه لم يتسم بالمرونة الكافية للاستخدام غير المتكيف في البيئات المتأثرة بالنزاعات. وكان يلزم القيام بمزيد من العمل لتكييفه للاستخدام في هذه السياقات. وبما أنه تم تشجيع المشاركين على تقديم تفسيراتهم الخاصة للمصطلحات الرئيسية من أجل تسهيل استرخاء وبناء علاقة جيدة معهم فقد كانت هناك بعض المحدوديات في الترجمات لأنه لم يكن لدى بعضها ما يعادلها بدقة في اللغة العربية. فعلى سبيل المثال تعطي ’المساءلة‘ في اللغة العربية إحساساً بالتحقيق وانعدام الثقة (لم يتم استخدام المصطلح في سوريا قبل الثورة) في حين أن لدى ’الشرعية‘ دلالات دينية إلا أنه يمكن فهمها بالمعنى الذي تعطيه باللغة الإنجليزية. وهكذا فرغم أن المشاركين كانوا على دراية بمفاهيم ومصطلحات الحوكمة إلا أن بعض الإجابات كانت محدودة أو سطحية بسبب الفهم المختلف أو الافتقار إلى المعرفة المتعمقة. وبالمثل فإن استبعاد أسئلة حول بعض عناصر الحوكمة (مثل الأخلاقيات) قد حدَّ من البيانات التي كان من الممكن تضمينها في الجدول 1 حول هذه المفاهيم.

ثانياً منعت قيود الوقت والتمويل من الحصول على مدخلات من جهات فاعلة إضافية في حوكمة النظام الصحي (مثل وكالات الأمم المتحدة والمجالس المحلية/مجالس المحافظات ووزارة الصحة المؤقتة والجماعات المسلحة المعارضة) أو استكشاف الاختلافات بين مديريات الصحة في مختلف المحافظات. وبالمثل فإن الدراسة التفصيلية لأدوار وقدرات المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والتمييز بينها يتجاوز نطاق هذا البحث.

ثالثاً ربما كان لإجراء المقابلات عن بُعد أثر على الإجابات في نواحي مثل العلاقة والإشارات غير اللفظية والاعتبارات الأخلاقية الإضافية لاستخدام برامج من طرف ثالث. ومع ذلك وعلى غرار النتائج التي توصل إليها لو-لاكونو وآخرون فقد وجد المؤلفون أن استخدام واتساب أو سكايب ومتطلبات أخلاقية إضافية لم يَظهر أنه قد قلل بشكل ملحوظ من صراحة المشاركين أو العلاقة الملحوظة.54 وأخيراً فإن الوضع في سوريا متقلب رغم أن النتائج قد تبقى ذات صلة بمناطق النزاع المستمر والسيطرة غير الحكومية.

كان لهذه الدراسة العديد من نقاط القوة المنهجية. أولاً كان المؤلف الرئيسي عاملاً سورياً في القطاع الصحي قدَّم الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة أثناء النزاع الحالي، وبالتالي كانت لديه معرفة داخلية قوية بالقضايا السياقية والثقافية. ثانياً تم اختيار المشاركين من مديريات الصحة ومستخدِمي الخدمة من 5 محافظات تسيطر عليها المعارضة من أجل زيادة التمثيل واستكشاف القضايا في جميع المحافظات التي تسيطر عليها المعارضة. ثالثاً لقد شاركت الجهات الفاعلة المؤسسية الرئيسية في حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا. وأخيراً كان تضمين مستخدِمي الخدمة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة مهماً بشكل خاص لأنه يمكن أن يكون الوصول إلى أصوات مستخدِمي الخدمة صعباً على نحو خاص أثناء النزاعات.

 

أفكار نهائية

كان أحد الأسباب المزعومة للانتفاضة السورية هو القيام بثورة شعبية لخلق بلد أكثر إنصافاً. ورغم ما يقرب من سبع سنوات من القتال كان المشاركون واضحين بأن الأمل ما يزال قائماً. وقد تم بالفعل إحراز تقدم في إعادة بناء حوكمة النظام الصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. فالانتظار إلى أن ينتهي النزاع للنظر في حوكمة النظام الصحي يمكن أن يؤدي إلى إضعاف هذه المبادرات الهشة على نحو لا يمكن إصلاحه. تحتاج مديريات الصحة المحلية إلى دعم سياسي وتقني ومالي محدد حتى تتمكن من التغلب على التحديات الحالية وتطوير حوكمة مستدامة.

 

شكر وتقدير

شكراً للمشاركين في الدراسة الذين يقدمون الخدمات الصحية في مناطق تتسم بمخاطر فعلية كبيرة.

 

القضايا الأخلاقية

تم الحصول على المصادقة من لجنة أخلاقيات بحوث الماجستير التابعة لكلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية في المملكة المتحدة. ونظراً لعدم وجود أية لجنة أخلاقية رسمية أو مؤسسات حكومية معترف بها دولياً تعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا أثناء إجراء البحث فقد تم الحصول على موافقة محلية من مديريات الصحة. تم تسجيل موافقة كتابية وشفهية مستنيرة من جميع المشاركين قبل إجراء المقابلات.

 

توافر البيانات

إنّ مجموعة البيانات التي تم إنشاؤها وتحليلها خلال هذه الدراسة ليست متاحة للجمهور بسبب الحفاظ على سرية المشاركين، إلا أنه يمكن توفير أجزاء مكتوبة من قِبل المؤلف المسؤول عن المراسلات بناءً على طلب معقول.

 

تنافس المصالح

يعلن المؤلفان أنه ليس لديهما أي مصالح متنافسة.

 

 

 

التمويل

قامت منح تشفنينغ الدراسية وبرنامج المنح الدراسية العالمي لحكومة المملكة المتحدة الممول من وزارة الخارجية والكومنولث (FCO) والمنظمات الشريكة بتقديم بعض التمويل للدراسة كجزء من دراسات ماجستير المؤلفين الرئيسيين. لم يكن للممول أي دور في تصميم الدراسة، أو جمع البيانات أو التحليل أو التفسير أو كتابة المخطوطة.

 

مساهمات المؤلفين

قام يزن دويدري بتصميم الدراسة وجمع وتحليل البيانات وكتابة مسودة المخطوطة. ساهمت ناتاشا هاوارد في تصميم الدراسة وتفسير البيانات ونقحت المخطوطة بشكل نقدي. ووافق كلا المؤلفين على النسخة لتقديمها.

 

المراجع

1.      Ziadeh R. Revolution in Syria. Turkish Review. 2014;4(2):186.

2.      Sterling J. Daraa: The spark that lit the Syrian flame. CNN. March 1,

2012. https://edition.cnn.com/2012/03/01/world/meast/syria-crisisbeginnings/index.html.

3.      United States Agency for International Development (USAID). Syria Complex Emergency Fact sheet #3, Fiscal Year (FY) 2016. https://www.cidi.org/disaster-responses/syria/. Accessed May 5, 2016. Published 2016.

4.      Price M, Gohdes A, Ball P. Technical Memo for Amnesty International Report on Deaths in Detention. Human Rights Data Analysis Group; 2016.

5.      Solvang O, Neistat A. Torture Archipelago: Arbitrary Arrests, Torture and Enforced Disappearances in Syria’s Underground Prisons since March 2011. Human Rights Watch; 2012.

6.      Al-Saleh A, White L. Dissecting an evolving conflict: the Syrian uprising and the future of the country. Institute for Social Policy and Understanding; 2013.

7.      Flood DH. An Overview of Syria’s Armed Revolution. Combating Terrorism Center. 2012;5(4):1-20.

8.      Human Rights Watch (HRW). Syria. https://www.hrw.org/middleeast/n-africa/syria. Accessed August 28, 2016. Published 2016.

9.      Syria: Government Airstrikes Closing Down Hospitals, UN Should Build Case to Prosecute. Human Rights Watch (HRW) website. https://www.hrw.org/news/2016/08/11/syria-government-airstrikesclosing-down-hospitals. Published August 11, 2016.

10.   Frenk J, Moon S. Governance challenges in global health. N Engl J Med. 2013;368(10):936-942. doi:10.1056/NEJMra1109339

11.   Baker E, Brown W. Doctors in the Crosshairs: Four Years of Attacks on Health Care in Syria. Physicians for Human Rights (PHR); 2015.

12.   Anatomy of a Crisis, A Map of Attacks on Health Care in Syria. Physicians for Human Rights; 2017.

13.   Baker E, Heisler M. Aleppo Abandoned: A Case Study on Health Care in Syria. Physicians for Human Rights; 2015.

14.   Fouad FM, Sparrow A, Tarakji A, et al. Health workers and the weaponisation of health care in Syria: a preliminary inquiry for The Lancet-American University of Beirut Commission on Syria. Lancet. 2017;390(10111):2516-2526. doi:10.1016/s0140-6736(17)30741-9

15.   Cousins S. Syrian crisis: health experts say more can be done. Lancet. 2015;385(9972):931-934. doi:10.1016/s0140-6736(15)60515-3

16.   Nasser R. Syria Squandering Humanity Socioeconomic Monitoring Report on Syria Combined third and fourth quarter report (July–December 2013). United Nations Development Programme (UNDP); 2014.

17.   Heisler M, Baker E, McKay D. Attacks on Health Care in Syria — Normalizing Violations of Medical Neutrality? N Engl J Med. 2015;373(26):2489-2491. doi:10.1056/NEJMp1513512

18.   Sparrow A. Syria’s Assault on Doctors. NYR Blog; 2013. https://www.nybooks.com/daily/2013/11/03/syria-assault-doctors/.

19.   Dewachi O, Skelton M, Nguyen VK, et al. Changing therapeutic geographies of the Iraqi and Syrian wars. Lancet. 2014;383(9915):449-457. doi:10.1016/s0140-6736(13)62299-0

20.   Bernard V. Violence against health care: Giving in is not an option. International Review of the Red Cross. 2013;95(889):5-12. doi:10.1017/S1816383114000125

21.   Singh M. In Syria, Health Care Workers Are The Heroes — And The Targets. NPR website. https://www.npr.org/sections/goatsandsoda/2015/12/01/457254580/in-syria-healthcare-workersare-the-heroes-and-the-targets. Published December 1, 2015.

22.   Hathout L. The right to practice medicine without repercussions: ethical issues in times of political strife. Philos Ethics Humanit Med. 2012;7:11. doi:10.1186/1747-5341-7-11

23.   Alahdab F, Omar MH, Alsakka S, Al-Moujahed A, Atassi B. Syrians’ alternative to a health care system: “field hospitals.” Avicenna J Med. 2014;4(3):51-52. doi:10.4103/2231-0770.133329

24.   Ahsan S. Providing medical relief in Syria’s conflict. Lancet. 2013;381(9866):523-524.

25.   Diggle E, Welsch W, Sullivan R, et al. The role of public health information in assistance to populations living in opposition and contested areas of Syria, 2012-2014. Confl Health. 2017;11:33. doi:10.1186/s13031-017-0134-9

26.   Ben Taleb Z, Bahelah R, Fouad FM, Coutts A, Wilcox M, Maziak W. Syria: health in a country undergoing tragic transition. Int J Public Health. 2015;60 Suppl 1:S63-72. doi:10.1007/s00038-014-0586-2

27.   Health system in Yemen close to collapse. Bull World Health Organ. 2015;93(10):670-671. doi:10.2471/blt.15.021015

28.   Qirbi N, Ismail SA. Health system functionality in a low-income country in the midst of conflict: the case of Yemen. Health Policy Plan. 2017;32(6):911-922. doi:10.1093/heapol/czx031

29.   Monaghan C, Battaglia L, Berry B, Murray M. “Every Day Things are Getting Worse”: The impact on children of attacks on health care in Yemen. Save the Children; 2017.

30.   Syria: a health crisis too great to ignore. Lancet. 2016;388(10039):2. doi:10.1016/s0140-6736(16)30936-9

31.   Hill PS, Pavignani E, Michael M, Murru M, Beesley ME. The “empty void” is a crowded space: health service provision at the margins of fragile and conflict affected states. Confl Health. 2014;8:20. doi:10.1186/1752-1505-8-20

32.   Hellmuller SA. Governance mechanisms in opposition-held areas in Syria. NOW website. https://www.nwo.nl/en/research-and-results/research-projects/i/50/26550.html.Published 2016.

33.   Mampilly Z. Rebel Governance and the Syrian War. Vasser College: Project on Middle East Political Science; 2013.

34.   Aljundi G. Local Governance Inside Syria: Challenges, Opportunities and Recommendations. Institute for War & Peace Reporting; 2014.

35.   Khalaf R. Governance without Government in Syria: Civil society and state building during conflict. Syria Studies. 2015;7(3):37-72.

36.   Angelova I. Governance in rebel-held East Ghouta in the Damascus Province, Syria. Cambridge: University of Cambridge Centre of Governance and Human Rights; 2014.

37.   Sekkarie MA, Murad L, Sahloul Z. Revival of basic health services in Syria. Lancet Glob Health. 2015;3(10):e597. doi:10.1016/s2214-109x(15)00124-2

38.   Sen K, Faisal WA. Public health challenges in the political economy of conflict: the case of Syria. Int J Health Plann Manage. 2015;30(4):314-329. doi:10.1002/hpm.2312

39.   Kherallah M, Alahfez T, Sahloul Z, Eddin KD, Jamil G. Health care in Syria before and during the crisis. Avicenna J Med. 2012;2(3):51-53. doi:10.4103/2231-0770.102275

40.   National Coalition of Syrian Revolution and Opposition Forces. Interim Ministry of Health Establishes Eleven Directorates of Health in Syria. http://en.etilaf.org/all-news/local-news/interim-ministryof-health-establishes-eleven-directorates-of-health-in-syria.html. Published July 25, 2014.

41.   Department for International Development (DFID). Making government work for poor people: building state capability. London: DFID; 2001.

42.   Dodgson R, Lee K, Drager N. Global health governance: a conceptual review. London/Geneva: London School of Hygiene & Tropical Medicine (LSHTM), Dept of Health & Development, World Health Organization; 2002.

43.   Siddiqi S, Masud TI, Nishtar S, et al. Framework for assessing governance of the health system in developing countries: gateway to good governance. Health Policy. 2009;90(1):13-25. doi:10.1016/j.healthpol.2008.08.005

44.   World Health Organization (WHO). The world health report: 2000: health systems: improving performance. Geneva: WHO; 2000.

45.   World Health Organization (WHO). Everybody’s business — strengthening health systems to improve health outcomes: WHO’s framework for action. Geneva: WHO; 2007

46.   World Health Organization (WHO). System thinking for health systems strengthening. Geneva: WHO; 2009.

47.   Travis P, Egger D, Davies P, Mechbal A. Towards better stewardship: concepts and critical issues. Geneva: World Health Organization; 2002.

48.   World Health Organization (WHO). Health 2020: a European policy framework supporting action across government and society for health and well-being. Geneva: WHO; 2012.

49.   Kickbusch I, Gleicher D. Governance for health in the 21st century. Geneva, Switzerland: World Health Organization; 2012.

50.   Brinkerhoff DW. Rebuilding governance in failed states and postconflict societies: core concepts and cross-cutting themes. Public Adm Dev. 2005;25(1):3-14. doi:10.1002/pad.352

51.   Edwards LM. State-building in Afghanistan: a case showing the limits? International review of the Red Cross. 2010;92(880):967-991. doi:10.1017/S1816383111000099

52.   Roberts D. Liberal Peacebuilding and Global Governance: Beyond the Metropolis. Taylor & Francis; 2011.

53.   Lincoln YS, Guba EG. Naturalistic Inquiry. Thousand Oaks, CA: Sage; 1985.

54.   Lo Iacono V, Symonds P, Brown DHK. Skype as a tool for qualitative research interviews. Soc Res Online. 2016;21(2):1-15. doi:10.5153/sro.3952

55.   Fusch P, Ness L. Are We There Yet? Data Saturation in Qualitative Research. Qual Rep. 2015;20(9):1408-1416.

56.   Braun V, Clarke V. Using thematic analysis in psychology. Qual Res Psychol. 2006;3(2):77-101. doi:10.1191/1478088706qp063oa

57.   Jones A, Howard N, Legido-Quigley H. Feasibility of health systems strengthening in South Sudan: a qualitative study of international practitioner perspectives. BMJ Open. 2015;5(12):e009296. doi:10.1136/bmjopen-2015-009296

58.   Tong A, Sainsbury P, Craig J. Consolidated criteria for reporting qualitative research (COREQ): a 32-item checklist for interviews and focus groups. Int J Qual Health Care. 2007;19(6):349-357. doi:10.1093/intqhc/mzm042

59.   Berry C, Forder A, Sultan S, Moreno-Torres M. Approaches to improving the delivery of social services in difficult environments. Poverty Reduction in Difficult Environments (PRDE) Working Paper; 2004:3.

60.   Support to Health Service Delivery in Fragile States: Improving the Contribution of NGOs to Building Institutional Sustainability in Post-conflict/Transitional Settings. London School of Hygiene and Tropical Medicine; 2007.

61.   Barbazza E, Tello JE. A review of health governance: definitions, dimensions and tools to govern. Health Policy. 2014;116(1):1-11. doi:10.1016/j.healthpol.2014.01.007

62.   Kaufmann D, Kraay A, Zoido-Lobaton P. Governance matters. World Bank Policy Research Working Paper (2196); 1999.

63.   United Nations Development Programme (UNDP). Governance for Sustainable Human Development: A UNDP Policy Document. UNDP; 1997.

64.   London School of Hygiene and Tropical Medicine. Post-conflict health system reconstruction: a review of the literature. London: London School of Hygiene and Tropical Medicine; 2011.

65.   Eldon J, Waddington C, Hadi Y. Health system reconstruction: Can it contribute to state-building? London: Health and Fragile States Network; 2008.

66.   Haar RJ, Rubenstein LS. Health in postconflict and fragile states. US Institute of Peace; 2012.

67.   Rubenstein LS. Post-conflict health reconstruction: New foundations for US policy. US Institute of Peace; 2009.

68.   Vergeer P, Canavan A, Rothmann I. A rethink on the use of aid mechanisms in health sector early recovery. Royal Tropical Institute, Development Policy & Practice; 2009.

69.   Newbrander W, Waldman R, Shepherd-Banigan M. Rebuilding and strengthening health systems and providing basic health services in fragile states. Disasters. 2011;35(4):639-660. doi:10.1111/j.1467-7717.2010.01235.x

70.   Cometto G, Fritsche G, Sondorp E. Health sector recovery in early post-conflict environments: experience from southern Sudan. Disasters. 2010;34(4):885-909. doi:10.1111/j.1467-7717.2010.01174.x

71.   Speakman EM, Shafi A, Sondorp E, Atta N, Howard N. Development of the community midwifery education initiative and its influence on women’s health and empowerment in Afghanistan: a case study. BMC Womens Health. 2014;14:111. doi:10.1186/1472-6874-14-111

72.   Miyake S, Speakman EM, Currie S, Howard N. Community midwifery initiatives in fragile and conflict-affected countries: a scoping review of approaches from recruitment to retention. Health Policy Plan. 2017;32(1):21-33. doi:10.1093/heapol/czw093

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Follow by Email