“عشر سنين حرب ومتوقع الناس تخاف من “جرثومة؟
دراسة نوعيّة للتصوّرات الأولية والاستجابة لوباء كوفيد-19 في مجتمعات النّازحين في شمال غرب سوريا
د. محمد الطويش
إنّ انتشار جائحة كوفيد-19 في معظم دول العالم يشكل تحدّياً للأنظمة الصّحّيّة حتى تلك القويّة منها في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل بريطانيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة ، فكيف يكون أثر الجائحة على بلدٍ مثل سوريا؟ بلدٌ أنهكه الصّراع الطّويل واستهداف البنى التّحتيّة ومقتل وتهجير الكثير من الكوادر الطّبيّة
تتواجد معظم تجمّعات النّازحين داخليّاً في سوريا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة حيث تدير الاستجابة الإنسانية منظّمات غير حكوميّة محليّة ودوليّة . تؤوي سوريا أكبر عدد من النّازحين داخليّاًّ على مستوى العالم (ما يزيد على 6 مليون نسمة) . وهذا ما دعا فريق البحث لإجراء الدّراسة التّالية لاستكشاف وجهات النّظر ومعرفة التّحديّات والطّرق الممكنة للحدّ من انتشار جائحة كوفيد-19 في المجتمعات النّازحة في مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا
تمّ تصميم هذه الدّراسة لتكون دراسة نوعيّةً حيث أجرى فريق البحث 20 مقابلة مع سورييّن وسوريّات من النّازحين داخليّاً والقاطنين في مخيّمات شمال غرب سوريا . تمّ إجراء المقابلات بين شهرَي نيسان (أبريل) وأيّار(مايو) من عام 2020 قبل بدء ظهور حالات كوفيد-19 في المنطقة . أجريت حوالي نصف المقابلات بشكلٍ مباشر وجهاَ لوجه مع الالتزام بالتّوصيات من حيث التّباعد وأساليب الوقاية الأخرى المقترحة من قبل منظّمة الصّحّة العالميّة WHO ، بينما أجريت بقيّة المقابلات عن بُعد باستخدام تطبيق الواتساب بعد الحصول على الموافقة المستنيرة من جميع المشاركين . هذا وقد كان نصف المشاركين من النّساء
كان السّؤال الذي تمحور حوله البحث : ” كيف يرى ويصف أفراد المجتمع النّازح داخلياً مخاطر انتشار كوفيد-19 والاستجابة الوقائيّة ضمن مخيّمات النّزوح الدّاخليّ وذلك قبل وصول الوباء لشمال غرب سوريا؟
تمّ تطوير استمارة البحث باللّغة العربيّة لاستكشاف المواضيع التّالية: حالة السّكن ، القدرة على الوصول لمعلومات حول الوقاية من كوفيد-19 ، استراتيجيّات الوقاية ، خبرات ورأي المشاركين حول الإغلاق التّام ، التّغيرات في السّلوك الفردي والمجتمعي خلال شهر رمضان المبارك . تمّ تحليل البيانات بشكلٍ موضوعيّ باللّغة العربيّة ومن ثمّ ترجمة النّتائج إلى اللّغة الانكليزيّة . كما تمّت ترجمة الاقتباسات الملائمة من قبل الباحثين المشاركين المتحدّثين باللّغتين العربيّة والإنكليزيّة
وصف المشاركون والمشاركات ظروف المعيشة والازدحام الموجود في المخيّمات والتي من شأنها أن تؤثّر سلباً على الاستجابة الفعالة لـ كوفيد-19 ، بما في ذلك غياب الإدارة الملائمة للصّرف الصّحّي والنّفايات ، وعدم كفاية وتدنّي جودة المياه الصّالحة للشّرب ، وقلّة موادّ التّنظيف
كان مصدر المعلومات الأساسيّ حول وباء كوفيد-19 هو وسائل التّواصل الاجتماعيّ ، تليه حملات التّوعية التي تقوم بها المنظّمات غير الحكوميّة . كانت لدى الرّجال من المشاركين إمكانيةٌ أكبر للوصول إلى معلوماتٍ أكثر دقّةً وشموليًةً حول كوفيد-19 مقارنة بالنّساء المشاركات . لم يكن عزل الأشخاص عاليي الخطورة داخل الأسر أو ضمن مراكز إيواءٍ محدّدة (كما اقترحت دراساتٌ أخرى) أمراً عمليّاً ، لكنّ بعض المشاركين قد أشاروا إلى أنّ تقنيّات “تبادل المنازل/الخيم” أو عزل الخيم كاملةً قد تنجح في هذا السّياق . كانت لدى معظم المشاركين والمشاركات في البحث معرفةٌ كافية حول وباء كوفيد-19 إلا أنّهم يفتقرون إلى الأدوات العمليّة للحدّ من انتقاله
تعتبر هذه الدّراسة الأولى من نوعها في استكشاف وجهات النّظر والتّجارب الحياتيّة للسّورييّن والسوريّات النّازحين داخلياً في الأسابيع التي سبقت وصول وباء كوفيد-19 إلى شمال غرب سوريا . خلُصت الدّراسة ، رغم وجود شيءٍ من المحدوديّة فيها، إلى أنّ المجتمعات النّازحة في سوريا تتعرض لتحدّياتٍ مضاعفة ومزيد من التّهديد بسوء الأوضاع المعيشيّة في حال انتشار كوفيد-19 ، ممّا سيزيد الوضع سوءاً في المنطقة كاملةً . هناك حاجةٌ ماسّةٌ إلى تطوير تدابيرٍ مصممّة خصّيصاً لمنع ومكافحة انتقال كوفيد-19 في المخيّمات لا سيّما مع إعلان وجود أول حالةٍ إيجابيّة في المنطقة في 9 تموز(يوليو) من عام 2020
المقالة الكاملة على الرابط التالي